آخر تحديث :الجمعة-18 أبريل 2025-09:00م

مجلة جرهم


"حل الدولتـــــــــــــــــين" في معادلة السياسة العربية: المـواقــف والتحـديــــات

"حل الدولتـــــــــــــــــين"
في معادلة السياسة العربية: المـواقــف والتحـديــــات

الجمعة - 18 أبريل 2025 - 08:26 م بتوقيت عدن

- مجلة جرهم ــ د. محمد عصام لعروسي مدير عام مركز منظورات للدراسات الجيوسياسية - المغرب

مقــدمــــة:
ارتبطت القضية الفلسطينية بصيغة حل الدولتين لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، منذ القرارات الأممية ذات الصلة، والتي نصت على العودة إلى حدود 1967، كما نصت القرارات العربية في النهاية على جدوى وضرورة هذا الحل بعد تجاوز مرحلة الرفض العربي والاعتراف بالكيان الإسرائيلي، مند القمة العربية سنة 1982 وكذلك مخرجات قمة الدول العربية في بيروت 2002 المعروفة بالمبادرة العربية لاسترجاع الحقوق الفلسطينية، بعدما تم توقيع اتفاق أوسلو الذي يؤكد على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وترسيخ القدس الشرقية عاصمة أبدية لفلسطين.
مع استمرار الرفض الإسرائيلي وتعاقب السياسات الإسرائيلية المتشددة؛ أصبح حل الدولتين والشرعية القانونية، خارج الحسابات الدولية بسبب السياسة العدوانية التي نهجتها إسرائيل بعد الانقلاب على اتفاق أوسلو، والاستمرار في بناء المستوطنات في الضفة الغربية، و قد شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن التزامه بإقامة دولة فلسطينية رغم الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، مما يطرح العديد من التساؤلات عن مدى إمكانية تطبيق "حل الدولتين" في ظل التعنت والرفض الإسرائيلي وما آلت إليه الأوضاع في الشرق الأوسط بعد أن تمكنت إسرائيل من تدمير وإبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ورغبة تل أبيب في تحويل القطاع إلى منطقة عسكرية، واستمرار الضغط على الضفة الغربية، والتحكم في السلطة الفلسطينية.
أبعاد تاريخية ودبلوماسية
"حل الدولتين" هو مصطلح تم تداوله لعقود، ولا يزال يحتل أهمية كبرى بالنسبة لخيارات إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وأصبح المجتمع الدولي يركز على هذ الحل باعتباره يستند على الشرعية الدولية وعلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. و يشير هذا الخيار إلى مسعى إنهاء النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين عن طريق إنشاء دولة فلسطين بموازاة مع دولة إسرائيل.
خلال حرب الأيام الستة عام 1967، بين دول عربية وإسرائيل، استولت الأخيرة على الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضٍ عربية أخرى (جزء من الجولان وشبه جزيرة سيناء). وفي تلك السنة أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 242 الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها خلال تلك الحرب، والسماح للفلسطينيين بإقامة دولة خاصة بهم. مع مرور الأعوام تعززت فكرة إنشاء دولتين، وكانت محور العديد من القرارات التي أُصدرت لفض النزاع التاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
خاضت منظمة التحرير الفلسطينية معارك عديدة مع إسرائيل، وكانت أشرس هذه المعارك في عام 1982 في بيروت، حيث كان مقر المنظمة قبل أن تنتقل إلى تونس. وبدأت منظمة التحرير تغيير استراتيجيتها وتبنّت فكرة الدولتين، وأعلنت دولة فلسطين في الخارج سنة 1988.
في العام 1991 عُقد مؤتمر مدريد للسلام تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي البائد، وكانت محاولة من المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية من خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين ودول عربية من بينها الأردن ولبنان وسورية.
في 13 سبتمبر 1993، تم التوقيع على اتفاقيات أوسلو التي اقترحت حكمًا ذاتيًا فلسطينيًا محدودًا تحت مسمى "السلطة الفلسطينية" ومقرّها رام الله، مع هدف نهائي يتمثّل في إنشاء دولة فلسطينية يعيش شعبها الفلسطيني بحرية وسلام إلى جانب إسرائيل. ولم تنفذ إسرائيل اتفاق أوسلو بنقل مناطق من السلطة الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية، وظلت مفاوضات السلام تراوح مكانها، بل واصلت إسرائيل سياستها الاستيطانية.
وفي العام 2002، استندت "المبادرة العربية للسلام" على مبدأ حل الدولتين، واقترحت إقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، في سياق تدعيم فرص الحل، لكن في العام 2006 حصل شرخ بين حركة حماس وحركة فتح إثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية، وبعد صدامات مسلحة، سيطرت حماس على قطاع غزة وأخرجت حركة فتح منه. وعقّدت الانقسامات الفلسطينية توحيد الموقف الفلسطيني تجاه إسرائيل، وساهمت في تخفيض الضغط على المستوى الدولي لتحقيق حل الدولتين.
المواقف العربية
عرفت المواقف العربية تحولًا كبيرًا منذ مبادرة السلام السعودية التي تم إطلاقها خلال القمة العربية في فاس بالمغرب عام 1982م، والتي أطلقها ولي العهد السعودي آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز، وتتكون المبادرة من ثماني نقاط تتضمن اعترافًا ضمنيًا بوجود إسرائيل، حيث اعتمدت بشكل كبير على قرار مجلس الأمن رقم 242، ودعت إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل رسميًا، كما أقرت المبادرة حق كافة دول المنطقة في العيش بسلام. وقد اصطدمت المبادرة بالخلافات العربية، كما أنها آلت إلى الفشل والنسيان عقب الغزو الإسرائيلي للبنان.
وبعد نحو عشرين عامًا على المبادرة السعودية الأولى للسلام في الشرق الأوسط، أطلق ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز في 2002م مبادرة للسلام دعت إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 بما فيها القدس الشرقية، وفق قرارات الأمم المتحدة، مقابل "التطبيع الكامل" للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. و لقيت المبادرة استحسان الولايات المتحدة وتأييد غالبية الدول العربية، وأصبح من الضروري أن تقرها قمة عربية كي تصبح خطة سلام عربية قابلة للتطبيق.
تُعتبر رؤية المملكة العربية السعودية لحل الدولتين جزءًا من استراتيجيتها الأوسع لتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتضمن هذه الرؤية دعوات مستمرة لتشجيع الحوار البناء بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لذلك تعمل المملكة على دعم جهود الوساطة التي تقودها أطراف دولية، كما تحرص القيادة السعودية في شخص الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان على تسليط الضوء على أهمية الدعم الاقتصادي والاجتماعي للفلسطينيين في الخارج، باعتبار أن هذا الدعم يساهم في تعزيز الاستقرار والسلم الداخلي في الأراضي الفلسطينية.
كما حرصت مصر دومًا على تأكيد مقاربتها للقضية الفلسطينية، والتي تكمن في تطبيق حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مع رفض الحلول الأحادية التي تعيق إقامة الدولة الفلسطينية مثل سياسة الاستيطان ومحاولات تهويد القدس، مع دعم حق العودة لللاجئين الفلسطينيين. وقد تعاطت مصر بشكل دائم مع كل القضايا الخاصة بالملف الفلسطيني، وعلى رأسها ملف المصالحة الفلسطينية، والإشراف على الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، متابعة صفقة جلعاد شاليط، إلى جانب دورها في دعم إعادة إعمار غزة عقب الضربات الإسرائيلية للقطاع عام 2021، ومواصلة دور الوساطة منذ بداية الحرب على غزة سنة 2023.
أزمة الشرعية الدولية
اكتسب حل الدولتين زخمًا كبيرًا على المستوى الدولي تأسيسًا على الشرعية الدولية، لكن بعد مرور ما يزيد على 30 عامًا على توقيع اتفاقية أوسلو، أخفق المجتمع الدولي في دعم تأسيس دولة فلسطينية مستقلة بعد أن استولت إسرائيل على ما يقرب من 78% مـن أراضــــــي فلسـطــــين التاريخيــة في ظل استمرار بناء المستوطنات التي اعتبرتها الأمم المتحدة غير مشروعة.
أصبحت الشرعية الدولية أمام المحك، خاصة أن إسرائيل ترفض مطلقًا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتستمر في اعتماد القوة والآلة العسكرية، حيث ظهر استناد الدول الكبرى إلى منطق القوة وليس منطق الحق والقانون في إقامة دولة الاحتلال والاعتراف بها والدفاع عنها، في تناقض تام مع القوانين والمعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف في مختلف مراحل الصراع، باستثناء ما يوافق مصلحة هذه الدول ودولة الاحتلال.
ويبدو أن تلك الخطة هدفت إلى استمرار مراوغة الإسرائيليين والهروب إلى الأمام بدلًا من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أوسلو بإقامة الدولة الفلسطينية. ومع التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023، والعدوان الغاشم على غزة تزايدت التصريحات الصادرة من معظم مسؤولي دول العالم المعنية بتطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لتطالب بإقامة الدولة الفلسطينية كحل جذري محتمل لتسوية الصراع.
التحديات والمتغيرات الدولية
عرفت القضية الفلسطينية تحولات مركزية بعد أحداث الربيع العربي، خاصة مع اقتراح صفقة القرن من قبل الإدارة الأمريكية بقيادة ترامــب، وتوقيع العديد مــــــن اتفاقيات السلام "اتفاقات أبراهام" مع عدد من الدول العربية، مع استمرار رفض المملكة العربية السعودية للتطبيع مع إسرائيل.
في ظل الحرب على غزة التي بدأت في 11 أكتوبر 2023، يبدو أن حل الدولتين أصبح على وشك الانهيار إلى الحد الذي يجعل الجهود المبذولة لإحيائه مجرد مناورات دبلوماسية يائسة. إن الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية فاقدة للقدرة على الحركة وعلى ممارسة دور الدولة الفلسطينية بل ولا تملك الشرعية السياسية المطلوبة لتنزيل حل الدولتين، وتفتقر إلى القدرة على إعادة تشكيل اقتصاد ضعيف ومشلول، ولم تكن جهودها الرامية إلى إنشاء قوات أمنية فعّالة وكافية للتعامل مع التحديات الأمنية الحالية التي تواجهها.
أما حركة حماس، فقد وصلت إلى السلطة في غزة في عامي 2006 و2007، ولكن النتيجة هي أن خوض حماس لست حروب مع إسرائيل في الفترة من عام 2006 إلى عام 2023 دفعت إسرائيل إلى اتخاذ تدابير أمنية جعلت محنة المدنيين تزداد سوءًا من خلال إبادة الشعب الفلسطيني، حيث لا يوجد خيارات واضحة لحماس في غزة ولا توجد مؤشرات كافية على أن سكان غزة يرغبون في أن تحكمهم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
إن التعنت الإسرائيلي والطبيعة المتطرفة لحكومة الحرب بقيادة نتنياهو ودعمها المتواصل لبناء المستوطنات ومواقفها المتشددة المناهضة للفلسطينيين، يجعل من المرجح أن يكون الحل الإسرائيلي لـ "السلام" هو عزل غزة أو احتلالها، وممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية والأمنية على سكان القطاع، وفرض قيود أمنية جديدة على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية والوجود الإسرائيلي في القدس، واتخاذ خطوات دبلوماسية تروم استبعاد التوصل إلى حل الدولتين.
وكمحصلة نهائية؛ فإن الجهود الدولية لتحقيق السلام عبر المفاوضات والرامية إلى إيجاد حل الدولتين منذ اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1978، تصبح في حكم العدم، حيث استمرت الحروب لمدة نصف قرن تقريبًا، ومنيت كل الجهود المبذولة للتفاوض على حل الدولتين بالفشل، وتواصلت جولات القتال والانتفاضات، والمزيد من التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين، في مقابل توسع رقعة الحرب لتشمل لبنان حيث عملت إسرائيل على إضعاف حزب الله اللبناني بعد اغتيال زعيمه حسن نصر الله، وواصلت سياستها الهادفة إلى تقليم أظافر إيران في المنطقة وإنهاء حلم الهلال الشيعي. ومن المرجح أن الإطاحة بنظام بشار الأسد سوف تعقد إمكانية حل الدولتين، طالما أن اسرائيل أصبحت هي المستفيد الأكبر من التحولات الإقليمية التي يشهدها الشرق الاوسط.
رؤية استشرافية
إن صعوبة تحقيق حل الدولتين هو أمر واقع بالنظر إلى الموقف الدولي وخاصة الموقف الأمريكي من تنزيل هذا الحل، لكن من الأهمية بمكان محاولة القيام بخطوات فورية تمكن من إيجاد حل أكثر استقرارًا ولو كان يقوم على مبدأ "عدم وجود دولة"، ومن بين هذه الخيارات ممارسة الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية لوقف توسيع المستوطنات، وتخفيف القيود المفروضة على الحياة المدنية لنحو 1.9 مليون فلسطيني في إسرائيل ذاتها وأكثر من مليوني فلسطيني في الضفة الغربية.
ويتجلى خيار آخر في ممارسة الضغوط على إسرائيل للحد من عزلتها الاقتصادية بعد الحرب عن مليوني فلسطيني في غزة، ويبدو هذا الأمر في غاية الأهمية أيضًا لضمان استمرار الترتيبات الحالية لدور الأردن في دعم المسجد الأقصى والأماكن المقدسة الإسلامية في القدس.
وفي الوقت نفسه، سيكون من الأجدى الحد من خطابات التنديد والشجب من جانب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي التي تحمِّل إسرائيل أو كل الفلسطينيين المسؤولية عن الأزمة الحالية. إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بحاجة إلى التركيز على الخطوات الكفيلة بالحد من تأثير حرب إسرائيل على غزة.
ومن الواضح أن مثل هذه الجهود لن تسهم في صنع سلام دائم وشامل، ولكنها قد تخلف تأثيرًا عمليًا وسياسيًا سريعًا. فهي تتعامل مع المخاوف العملية الأكثر إلحاحًا لدى أغلب الفلسطينيين دون التأثير على أمن المواطنين اليهود في إسرائيل. وفي هذه الظرفية الصعبة حيث أن حل "عدم وجود دولة فلسطينية" في الأمد القريب هو السيناريو الأكثر ترجيحًا على الأقل في المستقبل القريب، فإن تقديم المساعدات العاجلة للفلسطينيين تشكل على الأقل خطوة ضرورية لإنقاذ المدنيين وتوقيف آلة الحرب المدمرة، ورفض كل مخططات التهجير الإسرائيلية.
بالمقابل، يمكن للدول العربية كالمملكة العربية السعودية ومصر والمغرب، أن تمارس ضغوطًا متواصلة على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من أجل قبول حل الدولتين، خاصة أن المملكة العربية السعودية التي تقود النظام الإقليمي العربي الحالي، تستمر في رفض التطبيع مع إسرائيل بعيدًا عن حل الدولتين وتصر على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وقد عبرت عن هذا الموقف في العديد من التصريحات والقمم وآخرها القمم العربية والإسلامية التي احتضنتها الرياض شهر نوفمبر 2024.
تستطيع المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الدول العربية وفي مقدمتها مصر، أن تستغل بعض الخيارات السياسية والاقتصادية الهامة، أهمها التشبث بموقفها الصارم من التطبيع وحل الدولتين، وكذا تحريك الورقة الاقتصادية، خاصة أن فشل التطبيع بين إسرائيل والدول العربية سوف يضاعف من عزلة إسرائيل اقتصاديًا ويساهم في استنزاف قدراتها الاقتصادية في ظل التواجد مع جوار متوتر وغير آمن، كما أن تبني سياسات محايدة وذكية وطرد إسرائيل من المعادلات الأمنية والاقتصادية للمنطقة، قد يدفع الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية إلى إقناع تل أبيب بأهمية حل الدولتين، خصوصًا أن استراتيجية ترامب تركز على المنافع الاقتصادية بدل المواجهة العسكرية.
خاتمة
يبدو أن النسق الدولي والإقليمي وطبيعة النظام الدولي، دفعت بالقضية الفلسطينية في الوقت الحالي إلى ساحة الصراع والحرب، كما أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، أقفلت كل السبل نحو التسوية ووصلت إلى الباب المسدود، وقبل ذلك اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية مبادرات تقبر بشكل نهائي حل الدولتين من قبيل "صفقة القرن" مع انحياز واشنطن الكامل لإسرائيل في الحرب على غزة، مما يعني أن تنزيل حل الدولتين أصبح أمرًا مستبعدًا.
كما أن سياسات الاستيطان الإسرائيلية، والواقع الفلسطيني المتشرذم ما قبل الحرب على غزة وما بعدها في ظل الخلاف الفلسطيني -الفلسطيني، وتمدد إسرائيل في الشرق الأوسط بعد النيل من حركة حماس وحزب الله وتوجيه ضربات موجعة لإيران بمباركة أمريكية، يجعل من سيناريو عدم وجود الدولة الفلسطينية أمرًا واقعيًا تفرضه حكومة إسرائيل التي ترفض حل الدولتين، وتراوغ لتنفيذ استراتيجية عسكرية الهدف منها تغيير المعالم الجيوسياسية للشرق الأوسط، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار ما كان يسمى بمحور المقاومة بقيادة إيران.
على الدول العربية أن تتبنى سياسات جديدة تستهدف الحفاظ على أركان الأمن القومي العربي، ومنع التوسع الإسرائيلي واستخدام أوراق ضغط جديدة للعودة إلى "حل الدولتين" مع توقيف قطار التطبيع مع هذا الكيان الذي تعود أن ينقض كل الاتفاقات والوعود، ناهيك عن ضربه عرض الحائط بكل القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي ■