آخر تحديث :السبت-08 مارس 2025-08:39ص

اليوم العالمي للغة العربية: جسر التواصل الحضاري – الواقع والطموح

الخميس - 19 ديسمبر 2024 - الساعة 01:23 م

عبدالله محمد مناوس
بقلم: عبدالله محمد مناوس
- ارشيف الكاتب




يُصادف يوم 18 ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للغة العربية، مناسبةٌ نحتفي فيها بدور هذه اللغة العريقة في بناء الحضارة الإنسانية، ونُعيد التأكيد على أهميتها كجسر للتواصل بين الثقافات والشعوب. لكن الاحتفال لا يعني الاكتفاء بالتقدير، بل يتطلب الوقوف على واقع اللغة العربية وطموحاتنا بشأن مستقبلها في العصر الحديث، لا تزال اللغة العربية تلعب دورًا محوريًا في الهوية الثقافية للشعوب العربية، كما أنها لغة القرآن الكريم، مما يعزز مكانتها الروحية والرمزية لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم.
الواقع: تحديات تواجه اللغة العربية

لا يخفى على أحد أن اللغة العربية تواجه تحدياتٍ جمة في عصر العولمة. فانتشار اللغات العالمية، خاصة الإنجليزية، يُشكل ضغطاً كبيراً على استخدام اللغة العربية في العديد من المجالات، بدءاً من التعليم ووصولاً إلى الإعلام والتكنولوجيا. كما أن تَداخل اللهجات العربية وتنوعها يُعقّد عملية توحيد الخطاب العربي وتسهيل التواصل بين المتحدثين بهذه اللغة من مختلف أنحاء العالم العربي. إضافة إلى ذلك، يُلاحظ قصورٌ في جهود ترجمة الأعمال الأدبية والعلمية إلى اللغة العربية، الاعتماد الكبير على اللغات الأجنبية في العمل والدراسة أضعف استخدام الفصحى في الحياة اليومية. مما يُحدّ من وصول المعرفة الحديثة إلى المتحدثين بها. وعدم مواكبة التطور التكنولوجي السريع، حيث أن معظم المنصات الرقمية لا تدعم اللغة العربية بشكل كامل، يُمثل تحدياً آخر.

الطموح: نحو مستقبل زاهر للغة العربية

على الرغم من هذه التحديات، يبقى لدينا طموحٌ كبيرٌ في الحفاظ على اللغة العربية و تعزيز مكانتها. يتطلب ذلك تضافر جهود الحكومات والمؤسسات التعليمية والأفراد. يجب أن نُعزز مكانة اللغة العربية في التعليم، وأن نُدرّسها بطريقةٍ مُبتكرةٍ وجذابةٍ تُشجع الطلاب على تعلمها وإتقانها. كما أن تطوير المحتوى العربي الرقمي، وخاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، يُعدّ أمراً بالغ الأهمية. يجب أيضاً دعم الترجمة إلى اللغة العربية، و تشجيع الكتابة والإبداع باللغة العربية في مختلف المجالات. وإلى جانب ذلك، يُمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في تعليم اللغة العربية وحمايتها من الانقراض. تطبيقات الهاتف الذكي، ومواقع التعليم الإلكتروني، يمكنها أن تُسهم بشكل كبير في نشر اللغة العربية وتسهيل تعلمها.

دورنا في الحفاظ على اللغة العربية

إن مسؤولية الحفاظ على اللغة العربية لا تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات فحسب، بل هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل فرد منا. علينا جميعاً أن نُسهم في تعزيز استخدام اللغة العربية في حياتنا اليومية، وأن نُشجع أطفالنا على تعلمها وإتقانها. علينا أيضاً أن نُشارك في نشر الثقافة العربية ونُحافظ على تراثنا الغني.
إن النهوض باللغة العربية يتطلب تضافر الجهود من الحكومات والمؤسسات الثقافية والتعليمية. ومن أبرز الطموحات لتعزيز مكانة اللغة العربية:
1. تطوير المناهج التعليمية: يجب تحسين طرق تدريس اللغة العربية وجعلها أكثر تفاعلية وملائمة للعصر الرقمي.
2. تعريب العلوم والتكنولوجيا: يجب دعم حركة الترجمة والتأليف باللغة العربية لتوسيع نطاق استخدامها في المجالات العلمية.
3. تعزيز الهوية الثقافية: تشجيع الشباب على التمسك بلغتهم من خلال مبادرات ثقافية وإعلامية.
4. الاستفادة من التكنولوجيا: تطوير تطبيقات وبرامج تدعم تعليم اللغة العربية وتسهّل استخدامها في العالم الرقمي.

في الختام، يُمثل اليوم العالمي للغة العربية مناسبةً هامةً للتذكير بأهمية هذه اللغة ودورها في بناء الحضارة الإنسانية. علينا جميعاً أن نعمل معاً على مواجهة التحديات التي تواجه اللغة العربية، وأن نُحقق طموحاتنا في تعزيز مكانتها و ضمان استمراريتها كجسرٍ للتواصل الحضاري بين الشعوب ،اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء يحمل تاريخ الأمم العربية وثقافتها. في اليوم العالمي للغة العربية، ندعو إلى تعزيز الاهتمام بها، ليس فقط كوسيلة للتواصل الحضاري، ولكن كجزء أساسي من الهوية الثقافية والإنسانية. تحقيق الطموحات يتطلب رؤية استراتيجية وشراكة حقيقية بين الأفراد والمؤسسات، ليظل هذا الجسر الحضاري متينًا وفعّالًا في الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.