آخر تحديث :الخميس-28 نوفمبر 2024-12:24ص

قضايا


آليات الحد من التطرف وتعزيـز الأمــن الفكــــــري

آليات الحد من التطرف وتعزيـز الأمــن الفكــــــري

الجمعة - 17 مايو 2024 - 03:58 ص بتوقيت عدن

- مجلة جرهم ــ د. حسن المطري رئيس جامعة الحديدة - سابقا

تُعد مشكلة التطرف بأنواعه المختلفة من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات في مختلف بلدان العالم، سواء كانت هذه البلدان تعتنق الديانة الإسلامية أو المسيحية أو أي ديانة أخرى، وينعكس هذا على النسيج الاجتماعي للمجتمع، وينعكس بشكل قوي وسلبي على العلاقات الإنسانية والاجتماعية والسلوكية بين فئات وطوائف المجتمع الواحد والمجتمعات المتعددة.
ويقصد بالتطرف الجنوح فكرًا وسلوكًا، وينشأ من تناقض المصالح أو القيم بين أطراف ؛ مما يؤدي إلى استخدامهم للعنف.
ولقد عرفت كافة المجتمعات ظاهرة التطرف، ولكن بصورة مختلفة، وترجع أسباب اختلاف تعاريف المجتمعات لظاهرة التطرف إلى وجود آليات وأساليب فعالة للتعامل مع هذه الظاهرة من عدمه، ومن ثم فالتطرف ليس سمة لصيقة بمجتمع مـعــــين دون غــــيره مــــن المجتمعات أو الشعوب.
والتطرف بمستوياته وأشكاله ظاهرة ليست وليدة العصر الحاضر بل لها جذور تاريخية قديمة قدم التاريخ، فعلى مر العصور ظهرت العديد من الملل والنحل والفرق التي حاولت نشر أفكارها، وكسب التأييد الشعبي، والإطاحة ببعضها مهما كلفها الأمر من تخطيط وتدبير وتدمير للنفس والاقتصاد والأرض والعِرض، ومن ثم ظهرت الاغتيالات السياسية والدينية والتصفيات البدنية، والسبب في ذلك كله هو ظهور اتجاهات تعصبية دينية أو حزبية أو قومية أو عرفية متطرفة فكرًا أو سلوكًا أو هما معا.
وفي مجتمعنا العربي قد ازداد الأمر خطورة لأن المشاركين في عمليات التطرف خاصة العنيف شباب صغار، ومن بينهم طلاب في مؤسسات التعليم أو خريجوها، وما نراه اليوم من الجماعات المتطرفة والجماعات الشيعية أكبر مثال على ذلك، فكم من فتيان وشباب أخرجوهم من المدارس وزجوا بهم في دورات طائفية فخخت عقولهم وغيرت أفكارهم وزجت بهم في محارق الموت وأصبحوا عبئا ثقيلا بل ومصدر خطر على وطنهم ومجتمعاتهم وأسرهم، وهذا يؤكد أن جماعات التطرف قد خططت لاستخدام التعليم وسيلة لصياغة عقول الصغار والشباب من أبناء الأمة وفق الرؤية التي تتبناها.
ومن مظاهر التطرف الفكري والعنف التي بدأت بالظهور في المجتمع بصــور مختلفــة ومتعاقبـــة لــــدى الجماعات الإرهابية، فنجد أن معظم المنتمين إليها والمشاركين بها من الشباب وهذا دليل واضح على شعور هؤلاء الشباب بالإحباط وعدم قدرتهم على تحقيق آمالهم في العمل المناسب والزواج وتكوين أسرة، مما يدفعهم للتعبير عن الكبت والاحباط من خلال الانتماء إلى الاتجـــاهــــــــــــــات المتطرفة أو المشاركة في عمليات العنف التي بــدأت تغــــــزو المجتمع مؤخــــرًا، معتقديــــن أن هذه الأنشطة قد يكون بها الحل لمشكلاتهم أو لفت الأنظار إليهم أو في محاولة لإثبات الوجود.
ونظرًا لخطورة هذه الظاهرة على المجتمع والدولة بشكل عام، سيتم تناولها وفقًا لثلاثة محاور، المحور الأول، ويتضمن: الجذور التاريخية للتطرف: مفاهيم مرتبطة بالتطرف، سمات التطرف، أنواع التطرف، أسباب التطرف، والمحور الثاني، ويتضمن : أساليب وآليات التربية في الحد من ظاهرة التطرف وتعزيز الأمن الفكري، والمحور الثالث، ويتضمن مراحل تنفيذ الأساليب والآليات التعليمية والتربوية اللازمة لتعزيز الأمن الفكري.
المحور الأول: الجذور التاريخية للتطـــرف:
إن مشكلة الغلو والتطرف هي مشكلة قديمة قدم الأديان على هذه الأرض تنشط أحيانا وتختفي أحيانا أخرى فهي موجودة على مدار التاريخ إما بدافع الحرص على تحقيق العبودية لله عز وجل، وإما بسبب الاتباع والتقليد الأعمى لأهل البِدعةِ الضالين عن الطريق السوي الذين استغلوا جهل العامة بدينهم، فزينوا لاتباعهم أباطيل زعموا أنها من الدين.
وكما أن الغلو موجود في أتباع دين الإسلام، كذلك فانه موجود في أتباع الديانات الأخرى فاصبح اليوم ظاهرة عالمية تعددت أنواعه وأشكاله ودوافعه.
ومن خلال ما تقدم نفهم بأن ظاهرة الغلو والتطرف في المجتمع الإسلامي ليست جديدة وتعتبر من أكبر المشكلات وأخطرها على الإسلام والأمة الإسلامية كون الغلو والتطرف بمثابة مرض وآفة أصابت جسد الأمة وهدفها تشويه صورة الإسلام الحنيف.
مفاهيم مرتبطة بالتطرف:
التطرف في اللغة معناه: الوقوف في الطرف بعيدًا عن الوسط كالتطرف في الدين أو الفكر أو السلوك، فهو بشكل عام يعني الخروج عن الأعراف والمفاهيم.
والتطرف في الاصطــلاح: هو المبالغة في الأمر ومجاوزة الحد فيه إلى حيز الإسراف. والتطرف في الرأي هو الاتيان بآراء فيها تشدد وهو خلاف الوسطية، أو التوسط في الأمور.
التطرف الفكري:
يُعرف بأنه انحراف فكري حيث تُحرف المبادئ الدينية، بل وتُعطى قيمة عكسية، مثل: أن القتل مباح والسرقة مباحة والاعتداء مباح بدعوى أنه يخدم غرض و فكر التطرف.
التطرف السلوكي:
يُعرف بأنه شكل من أشكال السلوك الذي يتميز بالانحراف عن ما هو شائع.
تطرف الإرهاب:
يُعرف بأنه انحراف سلوكي تدميري فيه أقصى قدر من محو الآخر دون وجود خطة واقعية بديلة لتغيير ناجح لما أراد تغييره.
الفرق بين التطرف والإرهاب:
نفرق بين التطرف والإرهاب إذ أن التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتوافق ومتعارف عليه سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا ودينيًا، دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار المتطرفة بسلوكيات فعلية مادية متطرفة أو عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة، أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد بالعنف فإنه يتحول إلى إرهاب، إذن التطرف غالبًا ما يكون في دائرة الفكر، وقد ينعكس هذا الفكر على السلوك، وذلك في أشكال متعددة، قد يأخذ بعضها شكل القول أو الكتابة أو غيرها من وسائل التعبير عن الرأي، وقد يتجسد الفكر المتطرف في أنماط أخرى من السلوك كارتداء زي معين، أو الامتناع عن سلوك معين، أما عندما يتحول الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك أو الاعتداء على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح فإنه عندئذ يتحول إلى إرهاب.
الانحراف:
نوع من أنواع عدم الاتفاق أو التعايش أو التوافق مع القيم والمعتقدات والثقافات الكائنة والسياسات المستقرة في المجتمع بل والخروج المطلق عنها واتهامها بكونها فاسدة يجب تغييرها بالقوة والإجبار.
الغزو الفكري:
هو نوع من أنواع السطو على عقلية الآخر ودمج فكره المستبد بأفكار الآخر، فيتلاشى فكر الآخر رويدًا رويدًا حتى تتلاشى هويته ويصبح تشكيلًا جديدًا، لثقافة جديدة، لا يدرك تبعات أفكاره، ولا يدرك السيطرة على أفعاله، فنراه مشتت الفكر، مسلوب الإرادة، مجهول الهوية.
الأمن الفكري:
حماية عقول أفراد المجتمع من كل فكرٍ شائب، ومعتقد خاطئ يتعارض مع العقيدة، والمبادئ التي يدين بها المجتمع، وبذل الجهود من كل مؤسسات المجتمع من أجل تحقيق هذه الحماية.
سمات الشخص المتطرف
لكل فئة معينة صفات تميزها عن غيرها، ولا يعني أَن يكون المتطرف شخصًا شريرًا بطبعه، فهو يتوجه في كثير من حالاته بدوافع يعتقد قدسيتها أو نبلها ومن صفات المتطرف الظاهرة:
1. سرعة الخضوع والخنوع، أَي أنه مصدق كل ما يسمع أو يرى من غير أن يتأكد من صحة القول.
2. سريع الإِذعان لما يوجه إليه وعلى الأخص إذا كان يثق بشخص ويطمئن إلى صدقه، أو يعجب مسلكه.
3. ينفذ كل ما يطلب منه دون التحليل أو التعلِيل أو الموازنة وهو في انحيازه إلى فكر أو مذهب أو معتقد .
4. الغلو والإفراط والتقديس، أَي يفرط في موالاته لما ينحاز إليه ومن ينحاز إليه إفراطًا يمنعه من وضعه موضع التحليل أَو المساءلة.
5. يرى نفسه على الصواب بدرجة اليقين الذي لا يقبل الّشك والحق الذي لا باطل معه، وإذا كان التطرف ذا منشأ ديني أو مذهبي أضفي على ذلك المنشأ هالة من القداسة، تجعله يرى كل نقد له عملًا من أعمال الشيطان.
6. يحتكم في أفعاله وتصرفاته وأقواله إلى محاكمة عقلية، فإنه غالبًا ما يروض عقله ليكون شاهد زور لما ينحاز إليه، ولا يجد في ذلك أدنى شعور بالتعسف أو الخروج على مقتضيات العقل.
7. الإقدام على أي فعل دون تردد.
8. سريع التوتر والاِنفعال.
9. يكون دائما مضطربًا.
أنواع التطرف :
التطرف لا يقتصر على شكل واحد أو نوع محدد أو مجال معين ولكن نجده في مختلف مجالات حياتنا اليومية , فقد يكون تطرفًا دينيًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا...ألخ، وسيتم تناولها كالتالي :
1. التطرف الديني:
يُعرف التطرف الديني بأنه: حالات الإغراق الشديد في الأخذ بظواهر النصوص الدينية على غير علم بمقاصدها وسوء الفهم لها، وقد يصل بالمرء إلى درجة الغلو المنكور في الدين.
مظاهر التطرف الديني : أول مظهر من مظاهر التطرف هو التعصب للرأي، والتشدد والغلو في الرأي، ومحاسبة الناس على الجزئيات والفروع والنوافل، كأنها فرائض، والاهتمام بها والحكم على إهمالها بالكفر والإلحاد، العنف في التعامل والخشونة في الأسلوب، والعزلة عن المجتمع .
2. التطرف الاجتماعي:
يُعرف التطرف الاجتماعي بأنه: المغالاة بالآراء والأفكار الاجتماعية وأساسه التمييز والتعصب والانغلاق الاجتماعي منهجًا وفكرًا وسلوكًا، وأن المتطرف اجتماعيًا يعاني من سوء التوافق الاجتماعي , فهو مريض اجتماعيًا ونفسيًا.
مظاهر التطرف الاجتماعي: يرتبط التطرف بالتعصب الأعمى والعنف، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى صراعات مدمرة داخل المجتمع، واستنزاف الطاقات الإنسانية كافة واستخدامها في الصراعات والعداءات المجتمعية، وهذا يؤدي إلى التدهور في الإنتاج.
3. التطرف السياسي والعداوات :
التطرف السياسي يُعرف بأنه: استعمال القوة المادية أو محاولة استعمالها لإلحاق ضرر بالآخرين أو بممتلكاتهم بغية التأثير في إرادة المستهدفين بالعنف، ويشمل معنى القهر والإرغام والغلبة من جانب المُعَنِف، والإذلال والخضوع والقهر من جانب المُعَنَف.
مظاهر التطرف السياسي: يولد مشاعر متزايدة من الاحباط والكبت السياسي، وفقدان الثقة بين المنشغلين في هذا المجال، والتمييز العنصري، والعنف السلطوي، والانقلابات، والثورات.
4. التطرف الإعلامي:
التطرف الإعلامي يُعرف بأنه: استخدام وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون والإنترنت في نشر الخوف والذعر بين الجمهور، لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية.
مظاهر التطرف الإعلامي: التحريض على العنف، نشر المعلومات المضللة، إضفاء الشرعية على العنف، تجنيد وسائل الإعلام للترويج للتطرف والإرهاب، التلاعب بالرأي العام، تعزيز الأفكار المتطرفة.
أسباب التطرف
1. أسباب دينية:
غرس المفاهيم الإسلامية بصورة مشوهة بعيدة عن القيم الأصلية وهذا ما تتعمده الجماعات الإرهابية في بلدنا والبلدان الأخرى من خلال تفسير النصوص بحسب أهوائها واختلاق أحاديث غير متطابقة مع نصوص السنة النبوية نتيجة الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه، الافتقار إلى المثل العليا في سلوك المجتمع، غياب الحوار المفتوح والقدرة على المناقشة، سوء الظن بالآخرين والنظرة إليهم نظرة تشاؤمية، التخبط في تبسيط الأحكام وتعميمها والافتقار إلى معيارية تقسيم الأمور، التشدد في الممارسات الدينية بما لا يقره الشرع الحكيم والسنة النبوية، قصور الوعي الديني والفهم العميق للنصوص الشرعية ومعرفة مقاصد الأحكام والالمام بأسرار اللغة، الهوى في تأويل النصوص وفي تفسير الآيات والأحاديث طلبًا للشهرة والزعامة، الاستهزاء ببعض القيم الدينية والأخلاقية، انتشار مظاهر الرذيلة في الشارع والمدرسة والجامعة والإعلام والصحافة والإذاعة والأسواق من ناحية، والاستهزاء بالدين وتشويه صورته، إثارة الخلافات الدينية والمذهبية، قصور دور المؤسسات الدينية في التوعية، الخطاب الديني غير المناسب.
2. أسباب تعليمية :
مثل: ضعف الرقابة على المؤسسات التعليمية والتربوية، قلة رعاية الموهبة والتفوق، الوساطة والمحسوبية العلمية، إلحاق عدد من غير المؤهلين تربويًا بالتدريس، غياب الحوار والدوافع للتفوق والإبداع، زيادة الكثافة الطلابية في الفصول الدراسية، احتواء المناهج والمقررات الدراسية على مفاهيم مغلوطة.
إهمال الدور المحوري لتكنولوجيا المعلومات وما تقدمه من مفاهيم وأفكار إيجابا وسلبا فلم تستفد المؤسسة التعليمية من التكنولوجيا في غرس المفاهيم والمعتقدات الصحيحة، وكذلك لم توجه الأجيال الناشئة في كيفية الاستفادة مما هو مفيد ونبذ الأفكار السلبية المدمرة للقيم والمبادئ الدينية والوطنية والقومية.
3. أسباب اجتماعية:
مثل: بث بذور الفتنة الطائفية في المجتمعات العربية، تدهور القيم والمعايير الاجتماعية، وأصدقاء السوء، تدني التقدير المجتمعي للتعليم والمعلم، انتشار المشكلات الاجتماعية والتفكك الأسري، التطرف في الآراء، والغلو في الأفكار، قصور المؤسسات الاجتماعية في انجاز وظيفتها، انهيار أو انكسار أو تحلل العلاقات الشخصية التي تربط الأفراد داخل المجتمع الواحد، ضعف قدرة المجتمع في إعادة بناء السلوك الرصين للأفراد نحو أهداف إنسانية نبيلة، ضعف تأثير المعايير الاجتماعية في توجيه سلوك الفرد نحو أهدافها، ضعف التواصل بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والتربوية.
4. أسباب سياسية:
مثل: التسلط وعدم قبول الحوار أو الرأي الأخر، رفض الحوار مع الطرف الآخر والتمسك بفكرة أو مجموعة أفكار صماء وجامدة، فرض الفكر والرؤى السياسية على الآخرين بالقوة، الإحباط في تحقيق بعض الأهداف السياسية، أو الوصول إلى المكانة المنشودة، نشر بذور الحروب والفتنة بين الدول وإثارة الخلافات السياسية، تدخل الدول الكبرى في الشئون الداخلية للدول النامية، تبني قضايا فئوية وطائفية وعرقية، كثرة النزعات المذهبية.
5. أسباب إعلامية:
مثل: الفوضى الإعلامية.، تضارب الفكر الإعلامي، غياب الرقابة المجتمعية على المواد الإعلامية المبثوثة، تلميع النمإذج غير الجيدة بوسائل الإعلام، قلة اهتمام الإعلام بالنمإذج الناجحة والمتميزة، التوجهات الإعلامية السلبية.
6. أسباب اقتصادية:
ومنها: الحرمان والفقر والجوع والبطالة، وتدني الأجور وتفاوتها، وقلة توافر فرص الاستثمار لدى الشباب، والتي تجعل الشباب عرضة لتلك الأفكار المتطرفة الهدامة للمجتمع، والفساد المالي والإداري بالمؤسسات، ضعف دور رجال الأعمال، تباين السياسات الاقتصادية في المجتمع، الكبت السياسي.
7. أسباب ثقافية:
مثل: الكثافة الواردة من المعلومات غير المناسبة وتنوع أنماط وصور التعليم والتثقيف في المجتمع الواحد، ثقافة العولمة وطمس الهوية الوطنية، ضعف الانتماء والولاء للوطن.
المحور الثاني: أساليب وآليات التربية في الحد من ظاهرة التطرف وتعزيز الأمن الفكري
بالرغم من قلة أعداد المتطرفين بالقياس إلى أعداد غيرهم إلا أن خطرهم على المجتمع يتجاوز مسألة قلة أعدادهم، لذلك لا بد من توافر الكثير من العوامل التي تسهم في القضاء على ظاهرة التطرف بكافة أنواعه ومنها:
أولا: الأساليب والآليات الدينية:
التوعية الدينية والأخلاقية.
مواجهة النزعات الدينية والمذهبية.
نشر الوعي بأصول وقواعد الأديان.
اختيار رجال الدين الأكفاء ذوي القدوة الحسنة وحسن إعدادهم.
تطوير الخطاب الديني.
تدعيم دور الجوامع وكـافة المؤسسـات الدينيـة.
بيان وسطية الإسلام وسماحته واعتداله قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمةً وَسَطًا) (سورة البقرة : 143)، فالوسطية تعني الاعتدال بالاعتقاد والمعاملة والسلوك والأخلاق والموقف والنظام.
التأكيد على ضرورة تلقي العلم من العلماء الربانيين قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلهُمْ يَحْذَرُونَ ) [سورة التوبة: 122] وعدم تلقيه من المتشددين أو المتعصبين.
العمل على تشخيص الأفكار الدينية المتطرفة وتحصين الشباب ضدها.
العمل على تقويم اعوجاج الجماعات المتطرفة من خلال الحوار البناء الهادف المدعوم بالحجج والبراهين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
تعريف الشباب بأهمية القدوة وبمن يقتدون، فالقدوة: معناها التأثر بشخص ما والتأسي به وتقليده ومتابعته، فالقدوة قد تكون حسنة أو سيئة.
بيان وشرح بعض المصطلحات والمفاهيم الدينية كالجهاد والحاكمية، فالجهاد ليس قتال للعدو بالسيف فقط بل هو أوسع من ذلك .
بيان سماحة الإسلام وعدله وأنه دين الرحمة والعفو والتسامح لا دين قتل وإرهاب كما يصوره بعض أعدائه قال تعالى:(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [سورة النور: 22]، ونبي الإسلام نبي رحمة وهدى أرسله الله تعالى للعالمين رحمة مهداة قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
تظافر الجهود لإزالة الظلم الذي يقع على بعض المحافظات اليمنية، ورفع الحيف عنها، فالإحساس بالظلم يؤدي إلى الانتقام.
توحيد الخطاب الديني والسيطرة على المنابر وتوحيد خطب الجمعة من خلال تعليمات يصدرها مكتب الأوقاف لكل الأئمة والخطباء تلزمهم فيها بموضوع خطبة الجمعة.
ثانيًا: الأساليب والآليات التعليمية والتربوية في المؤسسات التعليمية (الجامعات والمدارس)
1. الأساليب والآليات التعليمية والتربوية في الجامعات:
في مجال المناهج والمقررات الدراسية:
مراجعة المناهج والمقررات الدراسية وتنقيتها من الأفكار الهدامة والمتطرفة.
ربط المناهج بالبيئة وبتلبية احتياجات الطلاب وبمجتمعهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة لإعدادهم للحياة ولسوق العمل.
تضمين المناهج الدراسية موضوعات مرتبطة بالقيم الأخلاقية والاجتماعية، وتنمية قيم المواطنة والانتماء والولاء للوطن، وكذلك القيم المرتبطة بالعمل والإنتاج والابتكار.
تضمين المناهج الدراسية موضوعات تتعلق بالأمن الفكري والتربوي والنفسي وتدور حول مشكلة التطرف وكيفية مواجهتها.
تفعيل الساعات المكتبية والإرشاد الأكاديمي للطلاب.
زيادة الاهتمام بتدريس حقوق الإنسان وواجباته.
إتاحة مواقف وفرص تعليمية متنوعة لتشجيع الطلاب على التعبير عن أفكارهم ومناقشتها وتداواها، وذلك لتنمية قدرات الطلاب على الحوار والنقد البناء.
في مجال الأنشطة الطلابية:
دعم الأنشطة الطلابية وتنوعها بما يتوافق مع احتياجات وميول الطلاب واتجاهاتهم.
اكتشاف الموهوبين والمبدعين، والعمل على رعايتهم، وتنمية قدراتهم وفقًا لبرامج مناسبة.
إقامة المعسكرات الصيفية للتثقيف والترويح، واستثمار الطاقات وملء الفراغ.
الاهتمام بالتربية الترويحية، وزيادة الاهتمام بدعم الأسر الطلابية وجماعات النشاط ودورها في مواجهة التطرف والانحراف.
توفير وسائل جذب الطلاب لممارسة الأنشطة واستيعاب أكبر عدد من المستفيدين.
تفعيل دور الإخصائي النفسي والاجتماعي برعاية الطلاب في التعرف على مشكلات الطلاب ومساعدتهم في التغلب عليها .
تفعيل دور رعاية الطلاب في تنظيم الأنشطة والبرامج التوعوية وكذا العلاجية والإرشادية للتعامل مع قضايا التطرف بكافة صوره وأشكاله.
الأستاذ وعلاقته بالطالب:
الحرص على تحقيق العدالة والمساواة في التعامل مع الطلاب، وفق مبدأ تكافؤ الفرص.
إعداد وتكوين الأستاذ القدوة الذي يجذب الطلاب بقيمه، والقادر على التأثير فيهم.
مراجعة هيئات التدريس والمجتمع الجامعي فكرًا وسلوكًا لاكتشاف الفئات المتطرفة، وتصحيح مفاهيمهم، واستيعابهم وعمل خطط لدمجهم في اتجاه خدمة الجامعة والمجتمع المحيط.
تشجيع أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على التواصل الإيجابي الفعال مع الطلاب، وفتح قنوات للاتصال والحوار معهم، والوقوف على احتياجاتهم، والسعي لتلبيتها، وكذلك على أهم ما يواجههم من مشكلات، والتخطيط لمواجهتها والحد منها.
زيادة الدعم والاهتمام الذي يوجهه الأستاذ للطالب المشهود له بالنشاط والتفوق، وبالالتزام الديني والأخلاقي.
في مجال الدراسات العليا والبحوث:
توجيه البحث العلمي لخدمة المجتمع وحل مشكلات الشباب.
ارتباط الخطط البحثية بقضايا المجتمع ومواجهة مشكلة التطرف وتعميق الانتماء، وعلاج الاغتراب بكافة أنواعه.
إجراء المزيد من البحوث والدراسات التي تنهض بفكر الطلاب واحتياجاتهم والعمل على توعيتهم.
تفعيل دور مراكز البحوث ودعم اتخإذ القرارات في مجال توسيع المجال البحثي لا سيما في الجوانب المتعلقة برعاية الشباب وتنمية أفكارهم وفق رؤية وطنية متوازنة وتوفير الإمكانيات و البيانات اللازمة لمواجهة تلك الظاهرة.
مشاركة الجامعة في حل مشكلات الشباب من خلال البحث العلمي التطبيقي، وفي مُقدمة هذه المشكلات الفقر والأمية والبطالة.
في مجال خدمة المجتمع والبيئة:
التعاون والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الثقافة الأخرى في مواجهة ظاهرة التطرف بحيث يعمل الجميع على أرضية مشتركة وتتوحد الجهود والطاقات في هذا المجال.
عقد الندوات والمؤتمرات المتخصصة ودعوة الخبراء والمتخصصين في مجال الأمن ورجال الثقافة والفكر والدين والتربية لإثراء فكر الطلاب وتوجيههم لخدمة مجتمعهم وتنميته.
التعرف على أهم مشكلات الشباب مثل مشكلة البطالة والعمل على مواجهتها من خلال التدريب التحولي للمهن المطلوبة في سوق العمل والمواءمة بين خطط التعليم ومتطلبات سوق العمل والوظائف المتاحة.
مواجهة ظاهرة الاغتراب الثقافي والفكري للشباب بالتأكيد على دور الجامعة في تنمية القيم المجتمعية والتوعية وتصحيح المفاهيم والمعتقدات الفكرية والدينية.
مشاركة الجامعة في إعداد القوانين المنظمة للعلاقة بين المجتمع والمواطنين.
إنشاء مراكز متخصصة بالجامعة للبناء القيمي والفكري السليم، وتنمية القيم الإيجابية والشخصية السوية للطلاب.
تفعيل دور الجمعيات العلمية ونوادي أعضاء هيئة التدريس لمواجهة تلك الظاهرة.
إنشاء مركز إعلامي للجامعة يتولى عمل برامج لتوعية الطلاب والمجتمع بأخطار التطرف وطرق مواجهتها والحد منها.
2. الأساليب والآليات التعليمية والتربوية في المدارس:
تفعيل الرقابة على المؤسسات التعليمية والتربوية.
الاهتمام بالتعليم الفني والمهني.
تفعيل التواصل بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والتربوية.
تفعيل الدور المجتمعي للمؤسسات التعليمية والتربوية.
الاهتمام بالأنشطة الطلابية المختلفة.
تنمية الإدارة المدرسية ورفع كفاءتها.
إعادة النظر في سياسات إعداد المعلم.
العدالة المدرسية في التدريس والتصحيح.
العمل على زيادة تقدير المجتمع للعلم والتعليم .
مراجعة محتوى المناهج والمقررات الدراسية وحذف المفاهيم المغلوطة.
بناء المزيد من المدارس للحد من الكثافة الطلابية.
مراعاة قواعد الجودة التعليمية من كافة الجوانب.
زيادة الحوافز المناسبة لتنمية الموهبة والتفوق.
العمل على زيادة تقدير المجتمع للعلم والتعليم .
ثالثًا: الأساليب والآليات الاجتماعية:
تنمية الانتماء والولاء للوطن.
توعية الأطفال والشباب بالصحبة الحسنة.
الحد من القهر الاجتماعي.
مكافحة الوساطة والمحسوبية.
التوعية بخدمات الإرشاد النفسي المختلفة.
التوعية بمخاطر التحيز والأهواء.
دعم الأسرة والعمل عل ترابطها.
إبراز القدوة الحسنة من كافة الجوانب.
وضع معايير لتنفيذ العدالة الاجتماعية.
وضوح سياسات وأساليب الإصلاح الاجتماعي.
وضع ضوابط صحيحة وعادلة في اختيار القيادات والتوظيف.
تنمية الاتجاهات والميول الايجابية نحو التسامح.
مساعدة الشباب على تكوين الأسرة وحسن التنشئة الاجتماعية.
تجنب العنف الأسري أو العنف عمومًا وخاصة ضد الأطفال.
رابعًا: الأساليب والآليات السياسية:
من أجل الحد من ظاهرة التطرف السياسي ينبغي على الدولة اتخاذ سلسلة من السياسات والإجراءات منها: إقناع أصحاب الفكر المتطرف بضرورة تبني مبادئ الوسطية والاعتدال، والسير في طريق التسامح والتعايش، اتباع سياسات غير عنيفة تجاههم، إعادة تأهيلهم فكريًا، احترام السيادة الوطنية، مواجهة النزعات الفئوية، تنمية القيم السياسية والديمقراطية، التوعية بالفتنة الطائفية وطرق مواجهتها، تجريم الإقصاء والاغتيالات والقتل بدوافع سياسية.
خــــــــــــامســًا: الأساليب والآليــات الإعلاميــــة:
إعداد خطط لتوضيح الفكر الإعلامي المعتدل.
متابعة توجهات القنوات الإعلامية المتباينة.
مواجهة التوجهات الإعلامية المضادة للتوجهات الوطنية.
ضرورة الرقابة الجيدة على المواد الإعلامية.
وضع ضوابط لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وجوب اهتمام الإعلام بالنماذج الناجحة في كافة النواحي العلمية والمهنية.
التأكيد على وجود ميثاق شرف إعلامي وتفعيله.
وضع سياسة إعلامية للقنوات الفضائية.
مواجهة كافة مظاهر الفوضى الإعلامية.
توعية المجتمع بنبذ التطرف وتعزيز قيم التسامح والعدالة .
سادســًا: الأساليب والآليـــــات الاقتصــــادية:
مواجهة مشكلة البطالة.
وضع نظام عادل للحوافز والمكافآت.
تنمية فرص الادخار والاستثمار للشباب.
وضع سياسات اقتصادية واضحة وقابلة للتنفيذ.
خلق فرص عمل مناسبة للشباب.
تنمية السلوك الرشيد في الاستهلاك.
العمل على الحد من ارتفاع الأسعار.
تنمية المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال.
مواجهة كافة أساليب التهرب المالي والضريبي.
مواجهة أساليب التفاخر والتظاهر الاجتماعي والثقافي.
تقليل التفاوت والفوارق بين الدخول لدى فئات المجتمع.
المحور الثالث: مراحل تنفيذ الأساليب والآليات التعليمية والتربوية اللازمة لتعزيز الأمن الفكري
المرحلة الأولى : مرحلة الوقاية من التطرف.
المرحلة الثانية : المناقشة و الحوار.
المرحلة الثالثة : التقويم.
المرحلة الرابعة : المسألة القانونية.
المرحلة الخامسة : العلاج ■