آخر تحديث :الخميس-28 نوفمبر 2024-12:24ص

مجلة جرهم


الـريــــــــاض وخارطة القوى في المنطقة

الـريــــــــاض وخارطة القوى في المنطقة

الإثنين - 13 مايو 2024 - 05:43 ص بتوقيت عدن

- مجلة جرهم ــ أحمد هاشم السيد كــاتــــــــــــب

تتمتع المنطقة العربية وتحديدًا شبه الجزيرة العربية بموقع استراتيجي جعلها مطمعًا لمُختلف القوى والكيانات على مر العصور، ذلك الموقع الاستراتيجي الذي جعلها حلقة وصل بين حضارات العالم القديم، وشريان حياة للعالم الجديد المُعتمد على التجارة والاقتصاد المبنية على التبادلات المهولة بين الدول.
وقد كانت المملكة العربية السعودية بلد المسلمين الأول لما تقوم أولًا به من دور عظيم منقطع النظير تجاه الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فضلًا عن كونها بلد الحرمين، ومهبط الوحي.
حجر الزاوية
وبعيدًا عن موقعها الاستراتيجي الذي جعلها مطمعًا لجميع الإمبراطوريات قديمًا، وبعيدًا عن المكانة الروحانية الدينية في ذهن جميع المسلمين، فإن المملكة تمتلك احتياطي نفطي مثبت يقدر بـ(266) مليار برميل نفط أي ما يشكل 15.7% من الاحتياطي النفطي العالمي.
كل تلك المعطيات والأرقام وغيرها الكثير زاد من الأطماع والتحديات والمواجهات التي خاضتها الدولة السعودية الحديثة منذ تأسيسها وحتى اليوم، وكل تلك الاطماع وما رافقها من مواجهات جعلت السياسة السعودية اليوم أكثر تمرسًا وحكمة وقدرة على مواجهتها في مختلف الأصعدة سياسيًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا وحتى عسكريًا ما جعلها بحق حجر الزاوية في المعادلة العربية والعالمية.
صناعة السلام
وقد لعبت السياسة السعودية دورًا كبيرًا في تثبيت الأمن والاستقرار وصناعة السلام ليس عربيًا فقط، بل لما هو أبعد من ذلك حتى أنها لعبت دورًا إيجابيًا في الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ذلك وساطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في إطلاق الأسرى بين البلدين، وحروب أخرى في إفريقيا وهنا وهناك، أما في الدول العربية والإسلامية فقد كان للسعودية دورًا حاسمًا في الكويت والبحرين ومصر، وأما اليمن فللقصة بقية.
حاولت إيران أن تسيطر على دول عربية كثيرة، تلك السيطرة التامة لتنفيذ مصالحها من خلال مليشياتها في البحرين واليمن وسوريا والعراق ولبنان، إلا أن السعودية لم تكن بدورها ومكانتها العربية والإسلامية لتتجاوز مثل هذه المطامع والتدخلات فأطلقت أولًا ما سميت بعملية درع الجزيرة، والتي وقفت في وجه إيران بالرغم أن المؤامرة كانت كبيرة وحاولت أمريكا وقيادتها السابقة أن تقف موقفًا مساندًا لمليشيا إيران، إلا أن السياسة السعودية كانت أكثر حسمًا،
معمعة الخريف العربي
وهكذا السياسية السعودية تعاملت مع أحداث مصر منذ بعد العامين 2012-2011 م بكل حكمة وسياسة ودعم للحكومة والشعب المصري، وتمكنت السياسة السعودية أن تنقذ مصر من أزمة اقتصادية وانهيار أمني خطير، وكذلك كانت ولازالت السياسة السعودية تلعب دورًا مهما حكيمًا في القضية السورية والسودانية والليبية، في محاولة لجمع الكلمة وإصلاح الحال الداخلي، لجانب الدعم الإنساني والاقتصادي، وقبل ذلك في معمعة الصراع وحرائق ثورات الخريف العربي تعاملت المملكة العربية السعودية بحزم وبذكاء سياسي على أعلى درجات الحكمة.
حكاية طويلة
أما اليمن فحكاية طويلة من العطاء الإنساني، لقد قدمت السياسة السعودية أنجح ما يكون في محاولة لحل الصراع اليمني اليمني منذ المبادرة الخليجية التي كانت بقيادة سعودية حتى اليوم إلى جانب تقديم عدد من مبادرات السلام، إلا أن التدخلات الإيرانية كان لها دروًا كبيرًا في تعقيد الموقف وتصاعد وامتداد الحروب في اليمن، ومع ذلك وبكل حكمة وحسم وعطاء تمكنت السعودية اليوم من وضع أسس للسلام بين الأطراف والقوى اليمنية، وبات الجميع ينظر لها بمثابة الأخ والشقيق الأكبر كما صرحَ بذلك للشرق الأوسط المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام.
تناغم فريد
تتربع المملكة العربية السعودية اليوم -نتاج سياستها ورؤية ولي عهدها نحو عام 2030م ورؤية 2040م- على أهم مؤشرات النمو الاقتصادي العالمية في وقت يشهد العالم فيه أزمات وانهيارات اقتصادية، وهي بذات الوقت حافظت على تناغم فريد لتوازن علاقاتها بين الغرب والشرق، في الوقت الذي أجبرت فيه الإدارة الأمريكية للتعامل معها كوسيط وذلك للتأثير التي أحرزته المملكة، فبعد أن تصدرت السياسة الأمريكية التحريض ضد السعودية ها هي اليوم تستنجد وتستجدي الرياض في غير ما ملف!.
ختاما
استطاعت المملكة بسياستها ودبلوماسيتها أن تستثمر علاقاتها إقليميًا وعالميًا بشكل أساسي لحلحلة المشاكل الإنسانية أولًا، وتمضي المملكة منذ انطلاق مرحلة الحزم والعزم فيها بخطى ثابتة فارضة نفسها وشبه الجزيرة العربية عمومًا تحت قيادتها في المعادلات والسياسات الدولية اليوم مستضيفة مختلف القمم الإقليمية والعالمية على أرضها ومقدمة للعالم مبادرات متعددة ومتنوعة لتقدم نفسها كقوة مؤثرة نحو المستقبل بوعي وخطى مدروسة بحزم وعزم، هادفة بالوقت نفسه لانتشال المنطقة برمتها نحو شرق أوسط جديد وصفهُ ولي عهدها الشاب الأمير محمد بن سلمان بـ"أوروبا الجديدة" ■