آخر تحديث :الأحد-09 مارس 2025-07:58ص

مجلة جرهم


حزام الموت.. لو كان يؤدي إلى الجنة ما تركوه لك

حزام الموت.. لو كان يؤدي إلى الجنة ما تركوه لك

الإثنين - 24 فبراير 2025 - 05:55 م بتوقيت عدن

- مجلة جرهم ــ خاص

في البدء:
ومع الأسف الشديد استطاع هؤلاء الوصول إلى أدمغة شبابنا واقناعهم بصوابية الطريق الذي يسلكونه، ولا نعلم كيف حصل هؤلاء على طرق سحرية تمكنهم من إقناع شاب في ريعان شبابه بارتداء حزام ناسف لقتل الأبرياء بغير حق وتفجير نفسه بين النساء والأطفال وزرع المتفجرات في الأسواق وأماكن التجمعات.
استطاع هؤلاء إقناع الشباب بأن المجتمع كافر يستحق القتل وأن المضي في هذا الطريق جهاد والموت فيه شهادة تقربهم إلى الجنة والحور العين، وبكل قناعة يمضي هؤلاء منهم من يرتدي الحزام الناسف لينفجر في أحد المساجد ومنهم من ذهب لزرع المتفجرات في الأسواق وتجمعات المواطنين، بينما لم يتساءل هؤلاء وهم في طريقهم إلى الهلاك لماذا لم يسابقهم أمرائهم الذين يزجون بهم طالما وهذا العمل فرصة للوصول إلى الفردوس الأعلى!؟، لماذا يبقى هؤلاء بين رغد العيش ولم يفكر أحدهم بارتداء حزام ناسف يوصله إلى الجنة؟، لا ندري أين ذهبت عقول هؤلاء المغرر بهم والتي ميزهم الله بها عن سائر الحيوانات وأمرهم بالتفكر والتدبر ليتمكن هؤلاء المجرمون من تخدير عقولهم بالحديث الذي يستهويهم ويكفي لإذهاب عقولهم؛ وهو الحديث عن الجنة الموعودة والحور العين من خلال القيام بهذه الأعمال الإجرامية؛ التي لايقرها دين صحيح ولا يقبلها عقل سديد ولا فطرة سليمة.
جذور فكرية:
يزداد الحليم حيرة وذهولاً حينما يرى هذا الشاب.. حديث السن.. سريع الإقدام.. مفعم بالعاطفة والغيرة.. يلفّ حزاماً ناسفاً حول جسده الطري.. ويتوسد كومة من القنابل والأسلحة.. لا يزيده الإنكار إلا قناعة بفعله.. ولا تزيده المواجهة إلا إصراراً على جرمه.
ماذا يريدون بهذه الأفعال؟، أي فتنة أعظم من هذه الفتنة؟، كيف استطاع هذا الفكر أن يصل إلى عقول هؤلاء الشباب؟، هل هم مخترقون من جهات تزين لهم هذه الأعمال وتمدهم بالأسلحة والأموال؟، هل هم مستغلون من بعض الدول التي لها أطماع في المنطقة؟، من يحركهم؟
نحن في الحقيقة لا نملك إجابة شافية لهذه التساؤلات، ولعل الأيام تبدي لنا ما قد خفي، لكن الأمر الظاهر الذي لا مراء فيه أنه لا بد من إنكار صريح لهذه الأعمال، وإدانة واضحة لمرتكبيها، ولعل من أهم أسباب اضطراب الآراء في ذلك، أن التيارات التي تقف وراء هذه الأعمال ليست بتيارات إجرامية محضة (كعصابات المخدرات والجنس ونحوها)، بل إن هذه التيارات لها جذور فكرية ترفع الشعارات الدينية وتتحدث باسم الجهاد، الأمر الذي يوقع الناظر البسيط في التخرص والرجم بالغيب.
وجدت المنظمات والجماعات المتطرفة طريقها إلى منطقة الشرق الأوسط وإنشاء جماعات مسلحة، لها نظامها ولها كياناتها، وذلك في إطار المخططات الرامية لتقسيم دول المنطقة عبر تأجيج الصراعات الطائفية والأيديولوجية وبث الفتن والأكاذيب. وقد أظهرت هذه الجماعات مدى قدرتها على التغلغل داخل المجتمعات والتأثير على الشباب والأفراد واستخدمت الدين لتكسب وتستقطب الناس تجاهها.
ملء الفراغ:
لقد انتهزت تلك الجماعات، فرصةَ ما يعيشه بعض الشباب في مجتمعاتهم من ظروف سيئة (سياسية واقتصادية واجتماعية) وفراغ روحي، واهتزاز نفسي، فكان خطابها الذي يدغدغ المشاعر محاولةً منهم لملء الفراغ الحاصل؛ بترويج شعارات فضفاضة واعدة، مدلِّسين وملبِّسين على الشباب أن الالتحاق بهم والانضمام إلى معسكراتهم وصفوفهم أو دعمهم، أو على الأقل التعاطف معهم، إنما هو في حقيقة الأمر نصرة للإسلام والمسلمين في جميع بقاع العالم، وإعلاء لراية التوحيد بعد أن فشا الظلم والفساد وكثُر اضطهاد المسلمين والتعدي على ثرَواتهم ومقدَّراتهم.
إن تلك الجماعات تجيد فنَّ التعبير المؤثِّر، الذي يُفجِّرُ العواطفَ باستخدام الخطاب البليغ والتصوير المعبِّر المتقَن، والأناشيد الحماسية التي تطرب لها القلوب قبل الآذان، موظِّفين التقنيَّاتِ الرَّقْميةَ عالية الجودة في الترويج لفكرهم وأهدافهم المقبولة اجتماعيًّا -وإن كانت لا تُمَثِّل الحقيقة-، وفي ترويج المعارك التي يزعمون الانتصار فيها على أعداء الله. كل ذلك بهدف إحداث التأثير في قلوب المتلقِّين وعقولهم، وهو ما يتحقق في الغالب عند الشباب المهيَّئين نفسيًّا؛ لأنهم قد يرَون في ذلك تعويضًا عن عجزهم وثأرًا لضعفهم، فيندفعون نتيجةَ ذلك إلى أحضانِ تلك الجماعات، بحثًا عن بطولةٍ وهميَّة أو عن ظهورٍ ظَرفي أو عن احتفالٍ بالذات ولو بتقويض الآخر والفتك به.
من الواقع:
كثيرة هي القصص المأساوية والمؤلمة التي تبين حال آلاف الأسر والأمهات التي طالتها أيادي الإرهاب والتطرف، نذكر منها هنا قصة أم يمنية تمثل رمزا لآلاف الأمهات التي تواجه مثل هذه المآسي وتدفع الثمن باهظا. إنها أم عمار المرأة اليمنية التي ضحت بكل ما لديها وسهرت الليالي على ماكينة الخياطة، وكدحت من أجل توفير حياة كريمة لابنها المتفوق، لكنها لم تكن تتوقع أن تشهد يومًا ما مصرع ابنها في هجوم إرهابي بغيض على كلية الشرطة التي كان يحلم بالتخرج منها.
كانت أم عمار -الأم اليمنية التي تعمل بجد لتوفير احتياجات ابنها الوحيد- تنتظر بفارغ الصبر إلمام ابنها بزي الشرطة الذي أعدته له سرًا ليرتديه في حفل التخرج المرتقب، لكن الصدمة القاسية انتظرتها عندما سمعت صوت الانفجار المدوي الذي هز محيط الكلية، وفور سماعها الانفجار، توجهت أم عمار في حالة من الذعر والقلق نحو الكلية، لتجد أشلاء ابنها الحبيب بين ركام المبنى المدمر. وسط حشد من الجثث والجرحى، بكت أم عمار بمرارة وهي تحتضن بقايا ابنها الشاب الذي كان يمثل كل آمالها وأحلامها.
استطاعت أم عمار إخفاء أوجاعها وأمراضها المزمنة عن ابنها طوال السنوات الماضية، وذلك حتى تراه ناجحًا ومرفوع الرأس، لكن اليوم، لم تتمكن من تحمل فقدانه في هذه الظروف المأساوية، بل فارقت الحياة وهي تحتضن جسده المشوه.
جماعات مدفوعة الأجر:
لقد حولت مغاسل الأدمغة ومحاجر العقول البغي عند الشباب جهادًا، والانتحار شهادة، والإفساد إصلاحا، وبات يستروح ريح الجنة وراء الجثث والأشلاء. ومما يزيد المأساة ويعمق المعاناة أن يكون هؤلاء الشباب هم بعض أبناء هذه البلاد، يرتكبون هذه الأعمال الشنيعة بين أهلهم وفي دارهم، وكم هو من المؤلم حقا أن نرى أبنائنا قد بغوا علينا وتحولوا إلى قنابل تتفجر في بيوتنا، يا ترى كيف استطاع هذا الفكر أن يتغلغل في عقول هؤلاء الشباب؟
إن ما تقوم به هذه الجماعات يؤكد وبما لا يدع مجالا للشك بأنها لا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل هي جماعات مدفوعة الأجر من طرف قوى سياسية واستخباراتية عالمية، تحاول تشويه صورة الإسلام بكل الوسائل والطرق، حتى ولو كلفها ذلك حياة أصحابها. أولئك الذين هم عبارة عن «مشاريع انتحارية»، إضافة لمشروعهم التخريبي الأكبر والذي يعد اليوم من أضخم المشاريع التي تتكفل بتشويه سماحة ديننا الحنيف.
إن الكم الهائل من الصور الدموية البشعة التي تتدفق عبر «الملتيميديا» هي نتاج ذلك المشروع التخريبي الذي يهدف كما ذكرنا لضرب الإسلام وتشويه صورة جميع المسلمين عبر العالم، فصور تقطيع الأطراف والرجم والسحل ورمي الأبرياء من فوق أسطح المنازل وكذلك الحرق والغرق وأشكال العنف والدموية القاسية، هي التي يصورها العالم كل دقيقة عبر الوسائط المتعددة باسم الإسلام!، وهكذا يبدو أن الجماعات الإرهابية استطاعت أن تحقق الكثير من مشروعها التدميري، كما استطاعت أن توصله من خلال تلكم الوسائل إلى العالم كله، ومازالت تسير باتجاه التشويه ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، فالهدف أُممي والغايات متعددة، لكن النتيجة في سياق هذه الفوضى هو أن يظل الإسلام -بنظرهم- من أبشع الديانات عبر العصور.
صناعة الإرهاب:
بعد أحداث 11 سبتمبر شاع في الغرب أن الإرهاب يأتي من الإسلام، ونشأت نظرية سوداوية عن الإسلام تدعمها تيارات واتجاهات عنصرية وفاشية في أوروبا تكن الكراهية والعداء تجاه العرب، ولم تساوي هذه الجهات العنصرية بين الإسلام كدين للتسامح والرحمة والحوار والسلام وبين الاتجاهات والجماعات التنظيمية والمتطرفة والمتعصبة دينيا، والتي تستخدم تعاليم الدين على نحو مشوه بما يلحق الضرر على الدين ذاته.
إن العنف الدموي سواء الذي يجري في بلداننا العربية والإسلامية أو يضرب في بعض دول الغرب ويتم نسبته للإسلام والمسلمين، غيّب في عالمنا العربي قضايا جوهرية كان يفترض أن يكون لها الأولوية كالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية وبناء الدولة الوطنية وحمايتها من التفكك، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية، ودوليا أوجد التباسًا ما بين عنف (الجماعات الإسلامية) المتطرفة، والمقاومة المشروعة للاحتلال.
الخفي في السياسة بشكل عام وخصوصا في الشرق الأوسط قد يكون أكبر وأخطر من المُعلن، وخصوصا إن تعلق الأمر بسياسات الدول الكبرى في المنطقة، لأن السياسة تقوم على المصالح، والمصالح متضاربة ولا تؤسَس دائما على الحق والأخلاق، ولأنه في الشرق الأوسط يتداخل الدين مع السياسة مع الاقتصاد، والماضي مع الحاضر، والحقائق مع الأساطير، والجهل والتخلف مع حداثة مشوهة؛ لذا فإن على أي محلل سياسي لما يجري في المنطقة ألا يعتمد على التقارير والتصريحات الرسمية المُعلنة فقط، بل عليه تحليل الوقائع والأحداث واستحضار التاريخ وقراءة ما بين السطور والربط ما بين الأمور.
منظور إسلامي
تكثر المحاولات لنشر وتكريس فرية مفادها أنّ العمليات المسلحة الانتحارية؛ هي اختراع عربي وإسلامي لا سابق له في التاريخ البشري. المشتغلون في تعليب وتصنيع الرأي العام في الغرب عملوا طويلاً وبكثافة على هذه الثيمة مستفيدين من إنجازات التنظير الاستشراقي ذي النزعات العنصرية التقليدية، وخرجوا بالكثير من الاستنتاجات والخلاصات المؤسسة على هذه الأكذوبة التاريخية، من أجل نسبَ العمليات الانتحارية إلى الإسلام ذاته، مستغلين أدواتهم من في تنفيذ هذه المشاريع والجرائم، وبالتالي يعملون على تسويقها وتسويغها واتخاذها وسائل لتنفيذ غاياتهم، ظنًا منهم أنها السلاح الأمثل الذي سيحقق لهم الذرائع المختلفة في استهداف الاسلام، وقد تجاهلوا بأن الإسلام يوجب على أتباعه -في السلم أو الحرب- الالتزام بقوانين وقواعد معينة. وكما لا يجوز للإنسان أن يُعلن الحرب من تلقاء نفسه ويقتل الآخرين في حال الصلح، فكذلك لا حق له في أن يقتل الأطفال والنساء والشيوخ من الأعداء حتى ولو في حالة الحرب.
إلى جانب أن ارتكاب مثل هذه العمليات يعد جُرمًا مزدوجا بين قتل النفس وقتل الآخرين وهو الأمر الذي شدد الإسلام في تحريمه مهما كانت المبررات التي تتخذها جماعاتٌ تقوم بمثل هذه الأعمال، فالله سبحانه وتعالى يقول في سورة النساء: { وَلَا تقتلوا أَنفُسَكُم إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بكم رحيما (29) ومن يفعل ذلك عدوانًا وظلمً فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرًا (30)}، وصلى الله عليه وسلم يقول : ( من قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ) . رواه البخاري (5442) ومسلم (109).
وهكذا لا تختلف العمليات الانتحارية عن الانتحار المعروف، بل إنها جريمة مضاعفة؛ لأن هؤلاء الجناة الغافلين الذين لا يمتّون للإنسانيّة ولا للدين بصلةٍ لم يكتفوا بأن يتدحرجوا في دركات جهنم بسبب قتلهم أنفسَهم، بل قتلوا الكثير من الأبرياء أيضًا، لذا سيحاسبهم الله تعالى فردًا فردًا على تلطُّخِ أيديهم بدمِ هؤلاء الأبرياء مسلمين كانوا أو غير مسلمين أطفالًا أو شبابًا أو شيوخًا.
والخلاصة إن العمليات الانتحارية أيًّا كان انتماء منفّذيها جرائم مضاعفة بل مكعبة، كما أن تصوير هذه الجرائم البشعة على أنها في سبيل الإسلام يحمل أبعادًا خطيرةً، من أجل ذلك يجب أن نؤكد بأن هذه العمليات أيًّا كان مقصدُها وصورتُها فهي أفعالٌ منكرةٌ لا يحبها الله تعالى ولا يرتضيها، ولا يمكن التأليف بينها وبين الإسلام.
وهذا ما أفتى به عدد من كبار العلماء المعاصرين، فقد سئل الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- حول ذلك فأجاب: (الذي أرى وقد نبهنا غير مرة أن هذا لا يصح، لأنه قتل للنفس، والله يقول: (ولا تقتلوا أنفسكم)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، [رواه البخاري (5700) ومسلم (110)] ... وإذا شرع الجهاد جاهد مع المسلمين، وإن قتل فالحمد لله، أما أنه يقتل نفسه يحط اللغم في نفسه حتى يقتل معهم! هذا غلط لا يجوز).
وعندما سئل الشيخ الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم العمليات الانتحارية؛ أجاب بقوله: نرى أن العمليات الانتحارية التي يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرامٌ، بل هي من كبائر الذنوب؛ لأن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأنَّ (من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة) [رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 )] ولم يستثنِ شيئًا بل هو عامٌّ؛ ولأنَّ الجهاد في سبيل الله المقصودُ به حماية الإسلام والمسلمين، وهذا المنتَحر يُدمِّر نفسه وُيفقَد بانتحاره عضو من أعضاء المسلمين، ثمَّ إنَّه يتضمن ضررًا على الآخرين؛ لأنَّ العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أُمماً إذا أمكن.
أما دار الإفتاء المصرية فكان جوابها: "لا شك أن هذه العمليات التفجيرية والانتحارية التي تستهدف الآمنين من المسلمين وغير المسلمين حرام شرعًا، ولا علاقة لها بالإسلام ولا بالأديان من قريب ولا من بعيد، بل هي من الكبائر التي توعد الشرع فاعلها بالعقاب؛ وذلك لأسباب كثيرة منها:
أولًا: أنها سفكٌ للدم الحرام وقتلٌ لنفوس الأبرياء التي حرم اللهُ قتلَها إلا بالحق، وقد عظَّم الشرع الشريف دم الإنسان أيًّا كان دينه، ورهَّب ترهيبًا شديدًا من إراقته أو المساس به بلا حق.
ثانيًا: أن فيها قتلًا للآمنين، وهو منافٍ للإيمان؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يفتِك المؤمن، الإيمان قيد الفَتك» رواه أبو داود والحاكم.
ثالثًا: إذا كان لا يجوز أثناء الحرب الفعلية قتل النساء غير المقاتلات والأطفال والشيوخ العجزة والأجَراء العاملين في غير شئون القتال، ففي غيرها أولى، وقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك.
رابعًا: إذا اعتبرنا أن العلة في القتال هي المحاربة فإن كل من لا يقاتل فعلًا لا يجوز إذابته وإتلاف ماله، فضلًا عن قتله؛ فقتله من الكبائر.
خامسًا: مخالفتها للمقاصد الشرعية؛ فالشرع الشريف أكَّد على وجوب المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كلُّ الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال.
وفي سؤال للشيخ مقبل الوادعي حول: هل العمليات الانتحارية تكون قتال في سبيل الله أم أنها قتل للنفس لا تجوز ؟، فقد أجاب، وفق ما هو منشور في موقع مقبل نت، فقال: العمليات الانتحارية هي قتل للنفس بلا شك ، وهي أيضاً لا تدل على بطولة بدليل أن بعض النسوة تفعل هذا، فهي عبارة عن زر يضغط وينفجر. والبطولة أن يتقدم الشخص بآليته في سبيل الله ويقاتل حتى يقتل، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أبى أن يصلي على قاتل نفسه، وأيضاً الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من قتل نفسه بحديدة فهو يقتل بها نفسه بالنار خالداً فيها مخلداً "، وهكذا : " من تردى من جبل فهو يتردى في النار خالداً مخلداً ".
في الأخير:
الملاحظ أن الإعلام الغربي دائمًا ما يتجاهل الاعتداءات التي يتعرض لها المسلمون من قبل جماعات فاشية ويمينية متطرفة، سواء في البلدان الأوروبية أو بلدان أخرى، حيث تُرتكب الكثير من الجرائم بحق الإسلام والمسلمين، ولك أن تعد الاعتداءات على المساجد في نيوزيلندا، وما يتعرض له مسلمو بورما، والاعتداءات على النساء المحجبات، وما تعرض له مسلمو البوسنة، وجرائم الهندوس ضد مسلمي الهند، وما يحدث في غزة؛ كلها نماذج للاضطهاد والإرهاب الذي يتعرض له المسلمون يومًا بعد يوم، إلا أن هذه الأحداث لا يتم تصنيفها وتوصيفها بالإرهاب بل تأتي بصفتها ردود مضادة ترتكب كرهًا في الإسلام والمسلمين.
وتتبادر الأسئلة إلى أذهاننا مع كل اعتداء يتعرض له المسلمون: كيف سيكون الحال لو كان الضحايا من غير المسلمين، والجاني المشتبه به هو المسلم، هل كانت وسائل الإعلام لتناقش الأمر بطريقة مختلفة؟، لماذا يتجنب البعض تسمية الجاني المشتبه به -أيًّا كان دينه- بالإرهابي؟، يبدو وكأنه يجب أن يكون للإرهابيين دائمًا دين معين. بينما الوضع مع هذه الهجمات يختلف كليًا، حيث أصبح المسلمون أنفسهم هم الضحايا وليسوا الجناة المشتبه بهم، لذلك لن يجتمع ساسة العالم في الشوارع للتنديد، وفي حين تشابهت الأعمال واختلفت الأديان إلا أن ازدواجية التقييم والتقويم قد ألصقت الإرهاب بدين معين، وأما ما يعمله آخرون ضد المسلمين من نفس التصرفات، فلا توصيف له باسم الإرهاب، في حين أن الإرهاب لا دين له ■