آخر تحديث :الأحد-09 مارس 2025-07:58ص

مجلة جرهم


الحـرب السودانيـة.. تموضع الأجندات الخارجية وتعارضاتها

الحـرب السودانيـة.. تموضع الأجندات الخارجية وتعارضاتها

الجمعة - 29 نوفمبر 2024 - 04:11 ص بتوقيت عدن

- مجلة جرهم ــ د/ علي الذهب

بدخول يوم الخامس عشر سبتمبر من العام (2024)، تكون الحرب السودانية قد أتمت عام ونصف منذ اندلاعها، كاشفةً عن تعدد في الأجندات الخارجية التي توقِد بعضٌ منها نيران هذه الحرب، وتهيِّئ لاستغلال نتائجها، ضمن دور مماثل لهذه الأجندات في المحيط الإقليمي المشتعل بالحروب والأزمات، كما في اليمن، وليبيا، وقطاع غزة. والواقع أن هذه الأجندات لم تكن لصيقة بالحرب الحالية فحسب، بل تخلَّلت فترة حُكم الرئيس عمر البشير (30 يونيو 1989- 19 إبريل 2019)، وعملية التحول الديمقراطي التي أسقطها الجناح العسكري في المجلس السيادي الانتقالي، عند قيامه بحل الحكومة في أكتوبر 2021، ودور هذه الأجندات في سقوط الوفاق الشكلي بين مكونات هذا الجناح (الجيش وقوات الدعم السريع)، وحتى اندلاع الحرب بينهما في 15 إبريل 2023.
ديناميات الحرب وتموضعها على الأرض:
تدور الحرب في السودان بين طرفين رئيسين، أولهما: الجيش السوداني التابع لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وثانيهما: قوات الدعم السريع، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي كان نائبًا للبرهان حتى اندلاع هذه الحرب. وهي قوات شبه عسكرية، شُكِّلت، عام 2013، ضمن القوات الأمنية، بعد ما كانت تُعرف بميليشيات الجنجويد، أثناء تمركزها في معاقلها بإقليم دارفور، دعمًا للرئيس السابق، عمر البشير.
يقفُ إلى جانب الجيش جناحٌ مسلح من الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال)، تخضع تشكيلاته لعضو مجلس السيادة مالك عقار، ويصطفُّ مع قوات الدعم السريع ميليشياتٌ محلية مدعومة خارجيًّا، معظمها تنتمي إلى قبيلة الزُّريقات التي ينحدر إليها قائد قوات الدعم السريع (حميدتي)، ونائبُه (أخوه عبد الرحيم)، وميليشيات أخرى من قبيلتي المسيرية، والحوازمة في كردفان. وإلى ذلك ما يُسمَّى "قوات درع السودان"، بقيادة (أبو عاقلة كيكل)، المتمركزة وسط السودان، والنيل الأزرق، وضباطٌ وجنود انشقوا عن الجيش، وآخرون ممن أُحيلوا إلى المعاش التقاعدي.
تسيطر القوات الحكومية وميليشيات الحركات المسلحة الموالية لها، على ثلثي مساحة البلاد، ويمثِّلها الهلال الجغرافي الممتد من شمال غربي البلاد (ولاية شمال دارفور)، على الحدود مع تشاد وليبيا، مرورًا بشمالي (ولاية الشمالية)، على الحدود مع مصر، ووسط البلاد (ولاية نهر النيل)، حتى شرقي وجنوب شرقي البلاد (ولايات البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، وسنَّار، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض). والمناطق الشرقية، في هذا الهلال، كلها تشاطئ البحر الأحمر ؛ فيما تقع المناطق الجنوبية على الحدود مع إرتريا، وإثيوبيا، وجمهورية جنوب السودان.
تبرز أهمية هذه السيطرة في ضمان مجلس السيادة للموقف المصري، والتحكم الكامل في الساحل السوداني المشاطئ للبحر الأحمر، في الولاية التي تحمل الاسم ذاته، والتي تقع فيها كافة موانئ البلاد، مثل ميناء بورتسودان، وتأمين خطوط نقل النفط الخام من جمهورية جنوب السودان إلى هذا الميناء، والتحكم في المطارات والقواعد العسكرية الواقعة في هذه المناطق، كما في ولاية الشمالية التي تقع فيها قاعدة مروي الجوية، وأمدرمان التي تضم مطار المدينة، وقاعدة وادي سيِّدنا.
في المقابل، ومع نهاية عام 2023، كانت قوات الدعم السريع، قد أحكمت سيطرتها على أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة ومركزها ودمدني، جنوب الخرطوم، وأربع من خمس ولايات يتكون منها إقليم دارفور، وهي: جنوب دارفور (مركزها نيالا)، وشرق دارفور (مركزها الضعين)، ووسط دارفور (مركزها زالنجي)، وغرب دارفور (مركزها الجنينة)، ولم يتبقَّ سوى أجزاء من ولاية شمال دارفور التي مركزها مدينة الفاشر.
ثمة مناطق إستراتيجية يتقاسم طرفا الحربِ النفوذ فيها، على نحو متداخل، وذلك كحال الخرطوم الكُبرى (الخرطوم، وأم درمان، وبحري)؛ حيث يسيطر الجيش على مقار الوزارات الحكومية، والقيادة العامَّة للقوات المسلحة (في الخرطوم)، والإذاعة والتلفزيون (في أمدرمان)، ومراكز ثِقَل عسكرية (في كرري شمال غربي الخرطوم). وفي هذا التداخل تتمركز قوات الدعم السريع شرقي الخرطوم وجنوبيِّها، متحكمةً في المطار الدولي، والقصر الرئاسي، وشرق النيل، وأجزاء من منطقة أمبدة غربي أمدرمان؛ وفي الجنوب يتقاسمان النفوذ في ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان؛ أما غربي البلاد، فيتقاسمان النفوذ في ولاية شمال درافور؛ حيث يخضع معظمها للجيش وميليشيات الحركات المسلحة التي حاولت الحياد تجاه طرفي الصراع، امتثالًا لأحكام اتفاقية جُوبا المبرمة في أكتوبر 2020، لكنَّ ذلك لم يَدُم.
في تحوُّلٍ أخير عززت قوات الدعم السريع وحداتها في الأطراف الشمالية والشرقية لمدينة الفاشر، بُغية السيطرة الكُلية عليها؛ حيث لا تزال هجماتها مستمرة منذ إبريل 2024. وتشير التوقعات بشأن نتائج هذه المواجهة، أنه إذا ما تمكنت قوات الدعم السريع من اجتياح المدينة، فإن الجيش قد يسوء وضعه في الخرطوم وأمدرمان وبقية خطوط المواجهة.
وفقًا لما سبق، فإن الجيش يسيطر على معظم المناطق الأكثر حيوية، وأن بؤر التوتر تتمركز في العاصمة الخرطوم، وفي جنوبها؛ حيث ولاية الجزيرة، وفي الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور. وثمة سعي متعارض لاستعادة المناطق المفقودة، أو السيطرة على مناطق أخرى، في معارك كسبٍ وخسارة، تؤثر فيها طبيعة الأرض، كما في الجزيرة، والدعم العسكري الخارجي لقوات الدعم السريع، الذي يتسرب عبر معاقلها التاريخية في دارفور.
تعارضات وتوافقات:
طيلة مشاهد الحرب، برزت، بقوَّة، ثلاث دول عربية، هي: مصر، والإمارات، والسعودية، بمقاربات متوافقة ظاهريًّا، ومختلفة جوهريًّا؛ فالمقاربة المصرية ينصبُّ جهدها في إجهاض أيِّ تهديد لأمن مصر القومي، عبر أبعاده السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، وذلك لحساسية جوارها مع السودان الذي يقع على نافذة من التهديدات، ويحفِّزها في هذا تدخّل قوى إقليمية ودولية، بعض منها على وفاق إستراتيجي معها، وأخرى تجمع بينهما الخلافات الحادة.
يتباين موقف مصر تجاه طرفي الحرب في السودان عن موقفها تجاه أطراف الحرب في ليبيا المجاورة، ولكلِّ موقف مبرِّراته وظروفه، ولا يخرج ذلك عن المقاربة الأساسية لمواقف مصر في محيطها، التي تهدف إلى التحكم بمصدر أي تهديد لأمنها؛ ومن الواضح أن وقوف مصر بجانب الجيش السوداني، رغم ما يُثار بشأن وجود الإخوان المسلمين في تشكيلاته؛ إنما يؤكد تقديرها للوضع الخاص للسودان، وأن الصراع في السودان لا يجب أن يتشعب، أو أن تقود نهايته إلى ارتباطات خارجية تؤثر في الاتجاه الحالي لمصر، والمشتركات الإستراتيجية بين البلدين، خصوصًا موقفهما تجاه أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، بوصفها الأزمة الأشد التي تحضر فيها الدول الثلاث؛ وفوق ما سبق، تبرز التداعيات الناشئة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي قد تنفتح على أسوأ الاحتمالات، مع ما يثيره الحوثيون من تهديدات في البحر الأحمر، وارتدادها على النشاط الملاحي، الاقتصادي، لقناة السُّويس.
في شأن التدخُّل الإماراتي، تنفي أبوظبي ارتباطها بقوات الدعم السريع، مقابل ما يثيره المسؤولون السودانيون في هذا الشأن، على نحو ما ورد على لسان وزير المالية السوداني، بأن الإمارات وحدها التي بيدها وقف تمرد قوات الدعم السريع، وليس قيادة هذه القوات، وذلك في إشارة إلى وجود دعم عسكري إماراتي لهذه القوات، وأكَّدته مصادر إعلامية عالمية، وأنه يضم أسلحة متنوعة تتدفق شحناتها من أبوظبي إلى أوغندا فتشاد، ثم تنتهي بمناطق تمركز قوات الدعم السريع، غربي البلاد؛ وكان واضحًا طيلة الحرب امتعاض مجلس السيادة من الدور الإماراتي، وأبدى ذلك صراحةً عضو مجلس السيادة، ياسر عطا، في نوفمبر 2023، ثم قيام الخرطوم في إبريل 2024، بطرد دبلوماسيين إماراتيين، وصولًا إلى تقديم شكوى بها إلى مجلس الأمن.
بَنتِ الإمارات نفوذها في قوات الدعم السريع، اعتمادًا على علاقتها السابقة بها، عندما استقدمت تشكيلات منها لقتال الحوثيين في اليمن، ضمن التحالف العربي، التي تقوده، إلى جانب السعودية، دعمًا للحكومة اليمنية، منذ مارس 2015م؛ والمؤكد أنَّ موقف الإمارات المساند لقوات الدعم السريع يمضي في اتجاه موقفها من الحربين الليبية واليمنية؛ حيث تمثِّل حربها على قوى ما يسمى الربيع العربي عام 2011م، نقطة التقاء الموقفين، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
تبرز الأجندة الاقتصادية الإماراتية في التطلع إلى تضخيم مصفوفة موانئ شركة دبي العالمية، باستدراج موانئ منطقة غرب المحيط الهندي، عبر الطُّرق الدبلوماسية، أو عبر الجماعات المسلحة الموالية لها، إذ لا تزال موانئ السودان الرقم الصعب الذي تثابر الإمارات لإدراجه في هذه المصفوفة، في ظل منافسات روسية وتركية وصينية. أما مكسبها الحالي فإنها ضمنت تدفق الذهب السوداني والإفريقي إلى أسواقها، بأي طريقة كانت، ومن خلال نفوذ قوات الدعم السريع.
يبدو الدور السعودي، في السودان دبلوماسيًّا أكثر من غيره؛ حيث تنشط الرياض في المساحات المقبولة لدى طرفي الحرب، ومن ذلك سعيها لدفع الطرفين إلى وقف الحرب، والانخراط في عملية تصالح شاملة، بدأته بإعلان جدة في 11 مايو 2023، الذي تعثَّر بعد توقيعه مباشرة؛ والواقع أنَّ السعودية تضع في حساباتها تطلعات دول منافسة لها، كالإمارات وإيران، وتأثير ذلك في أمنها القومي، نظرًا إلى ارتباطها الجغرافي، بحرًا، بالسودان.
بالنسبة إلى قطر، فإنه عادةً ما يجري الإشارة إليها بأنها تحضر في مقابل الإمارات، وهذا يعني أنها تدعم مجلس السيادة والجيش، ويؤكد ذلك زيارة الفريق البرهان إلى الدوحة، غير أن الدور القطري لا يزال إغاثيًّا وسياسيًّا، وهو الطابع العام لهذا الوجود حتى اللحظة.
تموضعات القوى العظمى والإقليمية غير العربية:
كشفت حرب السودان عن تدخُّل كافة الدول العظمى، أيًّا كانت طريقة ذلك أو نوعه، وشمل كلًّا مِن الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين.
وفي السياق، برزت قوى إقليمية وفوق إقليمية صاعدة، مثل تركيا، وإيران، وأوكرانيا؛ ثم دولٌ إفريقية مجاورة، مثل إريتريا، وإثيوبيا، وتشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى؛ أو دولٌ مجاورة لدول الجوار، مثل كينيا، وأوغندا.
وتكشف هذه المصفوفات أن كلَّ دولة لا تعمل منفردة فحسب، بل ثمة تخادم مشترك، عسكري، وأمني، واقتصادي، يقابله تباين في الأجندات التي استدعت كل هؤلاء المؤتلفين، والمختلفين.
يشكِّل امتداد السودان لما يُعرف بمجموعة دول الساحل، وهي: تشاد، والنيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، وموريتانيا، مجالًا للحسابات الأمنية الدولية والإقليمية؛ إذ يسود معظمَ هذه الدول توتراتٌ سياسية وعسكرية، وتنشط فيها الجماعات الموصوفة بالإرهاب، مثل القاعدة، وداعش.
والشأنُ ذاته بشأن مجاورة السودان لبؤر العنف، جنوبًا، في القرن الإفريقي، واليمن؛ حيث يخشى من أي تخادم بين مختلف هذه الفواعل، بما ينال من مصالح القوى الدولية والإقليمية النافذة والحاكمة للمنطقة.
تعترف معظم هذه الدول بمجلس السيادة، وتنظر إلى قوات الدعم السريع بوصفها قوات مناوئة له؛ وهذا ما يبرزه بوضوح الموقف الأمريكي؛ حيث فرضت واشنطن عقوبات على قيادات في الدعم السريع، وفي مقابل ذلك، تحثُّ طرفي الحرب على اللجوء إلى الحل السياسي؛ وقد تبلور الدور الأمريكي والبريطاني في آلية السلام الثلاثية التي شُكِّلت من البعثة الأممية إلى السودان، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة إيجاد، إضافة إلى الآلية المعروفة بالرباعية، التي تضم، إلى أمريكا وبريطانيا، كلًّا من السعودية والإمارات.
تبدو الثنائيات المتناقضة، أمريكا وروسيا، مدفوعة بأبعاد عسكرية وأمنية، والثنائية الأمريكية الصينية مدفوعة بأبعاد اقتصادية، تقوم على ما أثارته مبادرة الصين الموسومة بالحزام والطريق (حزام واحد- طريق واحد)، من قلق لدى الغرب، وعلى رأس ذلك أمريكا؛ وفي الخضم تبرز أوكرانيا كداعم صريح للجيش، سواءً بالأسلحة أم بالتدريب والتخطيط، بوصف هذا الموقف مقابلًا ومناوئًا للدور الروسي المحاط بالشكوك، بشأن وجود دور غير معلن لموسكو، يساند قوات الدعم السريع، عبر شركة فاغنر الأمنية، في الوقت الذي تبدي فيه موسكو تقُّربها من مجلس السيادة وقادة الجيش، وتتبادل معهما الزيارات الرسمية؛ ويبدو أن روسيا لن تجازف بعلاقاتها القديمة مع الخرطوم، لا سيما أنها مصدر أساس لأسلحة الجيش السوداني، ولديها طموح، يبدو ممكنًا، لتعزيز وجودها العسكري اللوجستي في الساحل السوداني.
الحديث عن دور تركي وإيراني، يبرز في استخدام الجيش السوداني للطائرات غير المأهولة؛ ولعل مما رُصد خلال الحرب أنَّ هناك استخدامًا لطائرات بيرقدار التركية غير المأهولة، وإن كانت الإشارة إلى مصدرها تتجه نحو أوكرانيا التي اشترتها من تركيا؛ ومهما كان حجم تدخُّل تركيا في هذه الحرب، إلا أن الواضح أنها لم تجد مبررات قوية تجعلها سخية اليد، أو حاضرة بذاتها، كما فعلت في ليبيا؛ لذلك كان التدخُّل على قدر المصلحة المرتبطة بنشاطها في موانئ السودان، والممتد، جنوبًا إلى الصومال.
أما الدور الإيراني، فقد برز أواخر عام 2023، عقب إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع الخرطوم، بعد قطيعة دامت سبع سنوات (2016-2023)، فقد اقتحمت إيران الحرب السودانية من أبرز مجالاتها وأشدها حساسية واحتياجًا للجيش السوداني، ممثَّلًا في حاجته للطائرات الإيرانية، غير المأهولة، التي حصل منها، بالفعل، على طائرات طراز مهاجر-6، وكذلك الصواريخ المكافحة للدبَّابات، التي أحدثت، جميعًا، فارقًا تكتيكيًّا في معارك أمدرمان، والخرطوم، والفاشر شمالي دارفور، منذ مطلع عام 2024.
الخلاصة:
لا تزال الحرب في السودان مفتوحة النهاية، وفي سباق دامٍ ومدمِّرٍ بين طرفيها: الجيش من جهةٍ، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى؛ وقد أبرزت الملامح الحالية للحرب أنها معقدة أكثر من أي حرب سابقة في البلاد، أو إقليمية مستمرة، علاوة على أنها تدور في محيط إقليمي مشتعل بالعنف، وتتشابك فيها أجندات قوى إقليمية وعالمية عالقة بالحرب السودانية.
إنَّ مِن شأن التدخلات الخارجية في الحرب السودانية أخْذ البلاد إلى التمزق، خاصةً إذا ما ظلت قوى هذه التدخلات مهيمنة على إرادة المليشيات المسلحة المناوئة للجيش، واستغلت هذه القوى الحرب، بوصفها سوقًا مربحةً لمصالحها، في ظل إصرار الجيش على الحسم العسكري، مع انعدام قدرته على تحقيق ذلك في أقرب مدى زمني.
إزاء تعقيدات الحرب، والمخاطر التي تحيط بوحدة السودان، فإن الفرص التي قد تخفف من ذلك، تكمن في تراجع حدة العنف في محيطه الإقليمي، وانكماش الأجندات الخارجية، ومن ثم ضعف قبضتها على طرفي الحرب، ما يجعلها تقترب من خيارات السلام، ووقف شلالات الدم، وتعويض السودان ما لحق به من دمار، وما فاته من تقدُّم بين أقرانه في الإقليم والعالم■