آخر تحديث :الخميس-28 نوفمبر 2024-12:24ص

منوعات


جهوزية عالمية استعداداً لجائحة جديدة في ظل التغيّر المناخي

جهوزية عالمية استعداداً لجائحة جديدة في ظل التغيّر المناخي

الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024 - 07:49 ص بتوقيت عدن

- متابعات

منذ انتشار جائحة كورونا التي ضربت العالم، تحوّلت الفيروسات إلى هاجس للبشرية، والعلماء بشكل خاص. وبعدما كان فيروس الإنفلونزا الموسمي همّنا الأساس، بات فيروس كورونا وما قد يأتي بعده من أوبئة، مصدر قلق فعلي. ويسعى العلماء جاهدين إلى تأمين الجهوزية على مستوى العالم في حال انتشار أي وباء آخر مستقبلاً. ويبدو أن الخبرة المكتسبة لديهم من جائحة كورونا قد تساعد في التصدّي بمزيد من الفاعلية لأي وباء مرتقب. وفي المقابل، يتوجب على الدول والمجتمعات تجنّب الأخطاء التي تسببت بالكثير من الخسائر في فترة انتشار وباء كورونا الذي فاجأ العالم، ولم تكن هناك اي استعدادات مسبقة لمواجهته بفاعلية.



التغيّر المناخي مصدر مستجد للأوبئة



توصل كثير من الدراسات الحديثة إلى أدلة متزايدة تؤكّد أن ظاهرة التغيّر المناخي وما تسببه من اضطرابات في النظم البيئية الطبيعية، تزيد من مخاطر انتشار الأمراض المعدية، كما ذُكر أخيراً في صحيفة "واشنطن بوست " Washington Post. ويبدو أن وسائل نشر العدوى في تزايد مضطرد مع تكاثر الكائنات التي تنقل الأوبئة مثل البعوض والقرّاد، وفق ما لوحظ في السنوات الأخيرة، نتيجة ارتفاع حرارة الكوكب المتعلق بزيادة الانبعاثات الكربونية المتأتية من الوقود الأحفوري.

وكذلك يؤدي انقراض بعض الأنواع إلى تكاثر في أصناف من الطفيليات. ويُضاف إلى ذلك الأضرار التي تنتج من إدخال نباتات وحيوانات غير محلية، أو استخدام بعض أنواع المبيدات الحشرية غير المتلائمة مع الطبيعة وغيرها. إذ تؤذي تلك المعطيات الأنظمة البيئية وتُقلِّص التنوع البيولوجي في الطبيعة، ويزيد انكشاف الإنسان أمام الأوبئة.





تحالفات علمية بغية تصيُّد الفيروسات


وفي مواجهة مخاطر الجائحات الفيروسية وكوارثها المحتملة، تتكثف الجهود المبذولة في التنبوء بالجائحة التالية.

وبالتالي، تعمل مجموعات علمية، من بينها منظمة "إيكوهيلث آليانس" EcoHealth Alliance المتخصصة في الكشف عن الفيروسات الجديدة والوقاية من الجائحات، على دراسات عن البحث في الطبيعة عن فيروسات قد تطلق جائحات جديدة.

ومثلاً، تجري بحوث في كهوف الخفافيش عن مسببات محتملة لأمراض جديدة، ومن بينها فيروسات كورونا. ومن خلال 15 ألف عينة أُخِذَتْ من الخفافيش، استطاع فريق العلماء التعرف على 500 نوع جديد من فيروسات كورونا. ويشار إلى أنه في العام 2013، أوصلت عينة أُخِذَتْ من كهف في الصين، إلى التعرف على فيروس أسهم لاحقاً في تكوّن فيروس جائحة كورونا.

في سياق مماثل، تأسس مشروع "بريدكت" Predict في عام 2009 بهدف تطوير أداة تتبع الأوبئة.

وثمة مجموعة من العلماء الذين يُعرفون بـ"صائدي الفيروسات"، يعملون ضمن ما يُعرف بـ"تحالف "أبوت" للحماية من الأوبئة"Abbot Pandemic Defense Coalition . وقد توصلوا إلى كشف تهديدات فيروسية من مرض ينقله القرّاد في تايلاند، وعدوى أخرى تنتشر عن طريق البعوض، وقد تفشت في كولومبيا. وتؤدي مثل هذه الأبحاث دوراً محورياً في تطوير أدوات جديدة للكشف عن الفيروسات في الجسم، ما يُعتبر من أساسيات الاستجابة للجوائح.




ماذا عن الجهوزية في لبنان؟



مثل هذه الأبحاث والدراسات تتطلّب إمكانات مادية فائقة ودعماً مالياً من قبل شركات ومنظمات ومختبرات كبرى، ما قد لا يكون متوافراً في كافة الدول. على الرغم من ذلك، تُعتبر الجهوزية مطلوبة من كافة الدول في سبيل الاستعداد لأي خطر يمكن مواجهته في حال انتشار جائحة جديدة، وتجنّباً للأخطاء التي حصلت أثناء انتشار وباء كورونا.

في لبنان هناك ترقّب لنتائج الدراسات العالمية. ويعاني البلد وكادراته العلمية من ضغوط شتى تشمل الحرب والأزمة المالية.

في المقابل، يوضح مدير مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور غسان دبيبو، لدى منظمة الصحة العالمية، برنامج ترصد الالتهابات الحادة في الجهاز التنفسي بالتعاون مع وزارات الصحة في الدول. في إطار هذا البرنامج، يجري ترصّد أي فيروسات يمكن أن تحقق انتشاراً أوسع. وبصورة دؤوبة، تؤخذ عينات وتُرسل إلى وزارة الصحة مع تحاليل من شأنها الكشف عن الفيروسات وانتشارها، بما في ذلك الأنواع الجديدة منها.
وبالنسبة إلى جهوزية لبنان لمواجهة جائحة جديدة، يؤكّد دبيبو أن الخبرة المكتسبة من جائحة كورونا كانت في غاية الأهمية، ويمكن استخدامها وتطبيقها في مواجهة أي جائحة جديدة تجنّباً لتكرار الأخطاء. من جهة أخرى، لمنظمة الصحة العالمية برنامج للجهوزية في مواجهة جوائح مستقبلية. في ذلك الصدد، يحصل تعاون بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية لتدريب الكادرات الطبية بشكل مستمر. لكن، هنالك تكاليف مادية كبرى لتلك الأمور تلزم لإجراءات مثل تخزين المستلزمات والفحوص والتجهيزات، ويعاني لبنان أزمة في هذا المجال.




بين الانفلونزا وكورونا


يعلم الكل أن فيروس كورونا لا يزال موجوداً وتُسجّل إصابات به وبمتحوراته في العالم.

وبحسب دبيبو، تتشابه متحورات كورونا مع وجود تمايزات بينها، خصوصاً في القدرة على العدوى. فيستمر متحور ما بالانتشار إلى أن يأتي مكانه آخر يحقق انتشاراً أوسع ويحل مكانه حتى يحصل تحور جديد. ولوحظ أن أحدث متحور من كورونا يتصف بأنه يحدث مرضاً أخف مما نجم عن المتحورات التي انتشرت منذ بداية الجائحة وحصدت الكثير من الأرواح.

إذ يتسبب المتحور الجديد بأعراض تقتصر على الرشح والسعال وارتفاع طفيف في الحرارة وتعب. وتزول الأعراض خلال أيام. ولا تُسجل مضاعفات إلّا بين المسنين والأشخاص الذين يعانون امراضاً مزمنة أو ضعفاً في المناعة. ويوضح دبيبو أن هذا يحصل عادةً مع مختلف الفيروسات، بمعنى أنها تتأقلم مع الوقت مع الإنسان وتخف حدّتها.
بالنسبة إلى فيروس الإنفلونزا الموسمي، يفترض تطوير لقاحات جديدة كل سنة، لأن السابقة منها تفقد فاعليتها. ويفترض أن يتلقّى الجميع هذا اللقاح، خصوصاً من تخطوا سن 65 سنة ومن يُعتبرون أكثر عرضة لمضاعفات المرض. في المقابل، تتوجه الأنظار نحو الأبحاث الجديدة التي تعمل على تطوير لقاح فاعل يعطي مناعة بعيدة المدى تستمر سنين طويلة.